د. إيمان بشير ابوكبدة
فقدان الذاكرة الانفصامي هو اضطراب يتميز بفقدان الذاكرة بأثر رجعي المرتبط بأحداث مزعجة جسديا وعاطفيا. يمثل هذا المظهر آلية دفاع يتم تنفيذها بطريقة غير واعية لحماية التوازن العقلي للفرد.
قد تشمل الأحداث المحفزة تجارب مؤلمة أو مرهقة للغاية تم التعرض لها مباشرة أو مشاهدتها (الاعتداء الجنسي، جرائم القتل، الكوارث الطبيعية، الهجر، المشاكل المالية ، إلخ) والصراعات الداخلية الخطيرة (مثل الشعور بالذنب لارتكاب أعمال إجرامية).
في الممارسة العملية، فقدان الذاكرة الانفصامي هو رد فعل يسمح “بفصل” بعض العناصر (مثل التجارب السلبية التي تعيش) عن العمليات العقلية (التي عادة ما تكون مدمجة)، وتجنب استعادة ذاكرتهم الواعية. بهذه الطريقة ، على الرغم من أن المعلومات المنسية قد يتعذر الوصول إليها للوعي أو الذاكرة أو الإدراك، إلا أنها تستمر في التأثير على السلوك، مما يتسبب في استرجاع ذكريات الماضي وحالات “لا يمكن تفسيرها” من فرط النشاط الفسيولوجي.
بشكل عام، تكون نوبات فقدان الذاكرة الانفصامي قصيرة العمر ومحدودة ذاتيا. يستعيد معظم المرضى ذاكرتهم ويختفي فقدان الذاكرة، ومع ذلك، فإن بعض الناس لا يستطيعون أبدا إعادة بناء الأحداث التي عاشوها. يتم تحديد التشخيص بشكل أساسي من خلال ظروف حياة المريض، لا سيما الأحداث والصراعات المرتبطة بفقدان الذاكرة الانفصالي، والتكيف العقلي العام.
الأسباب
السبب الأكثر شيوعا لفقدان الذاكرة الانفصامي هو الصدمة العاطفية. يمكن تفسير الاضطراب، في الواقع، على أنه رد فعل دفاعي معقد، يتم تنفيذه بواسطة نفسية الشخص، لحماية التوازن العقلي للفرد. تحدث هذه الآلية من خلال التجارب التي تم تجربتها مباشرة أو المشاهدة، والتي كانت مرهقة للغاية ومزعجة. يمكن تمثيل الأحداث المشغلة من خلال:
– الاعتداء الجسدي.
– العدوان.
– تجارب الهجرة.
– حالات الحرب.
– موت شخص عزيز.
– مشاكل مالية.
قد ينتج فقدان الذاكرة الانفصالي أيضا عن نزاعات داخلية كبيرة، كما في حالة:
– دوافع يقودها الشعور بالذنب.
– الصعوبات الشخصية التي لا يمكن حلها على ما يبدو
الشعور بالرعب من ارتكاب أعمال إجرامية.
– قد يكون فقدان الذاكرة الانفصامي جزءًا من صورة نفسية مرضية أكثر ارتباطا وتنظيما (على سبيل المثال اضطراب الشخصية الانعزالية أو الحدية).
الأعراض
– يشعر الشخص الذي يعاني من فجوات في الذاكرة بالارتباك ويهرب فجأة من المنزل.
– صعوبة تدريجية في التركيز والذاكرة.
– نوم مضطرب.
– الميل إلى فعل الأشياء “تلقائيًا”، دون التفكير فيها.
– شعور بالضيق و الحيرة.
العلاج النفسي
يعتمد علاج فقدان الذاكرة الانفصالي على العلاج النفسي. يتمثل الغرض من هذا التدخل في استعادة الذاكرة المفقودة، وتحسين الوعي وتفضيل التغلب على مشاكل الصراع اللاواعية لدى المريض.
إذا كان الاضطراب يتعلق بنوبة واحدة قصيرة جدا، يكون العلاج الداعم كافيا بشكل عام، خاصة إذا لم يكن لدى المرضى حاجة واضحة لاستعادة ذكرى بعض الأحداث المؤلمة.
عندما يكون فقدان الذاكرة أكثر حدة ، يبدأ العلاج النفسي من خلال خلق بيئة داعمة وآمنة وداعمة. غالبا ما يؤدي هذا النهج إلى التعافي التدريجي للذكريات المفقودة وهو كافى لحل فقدان الذاكرة.
إذا كان العلاج غير فعال أو كان الشخص بحاجة إلى استعادة ذاكرته بشكل عاجل، فقد يكون التنويم المغناطيسي للمريض فعالا. بدلا من ذلك ، لجمع الذكريات المفقودة، يمكن أن تكون الحالة المنومة ناتجة عن الأدوية (عن طريق إعطاء الباربيتورات أو البنزوديازيبينات). في كلتا الحالتين، يجب ممارسة هذه الأساليب برفق، حيث قد يكون استدعاء الأحداث الصادمة التي أدت إلى فقدان الذاكرة أمرا مزعجا.
يجب على الأخصائي الذي يستجوب المريض طرح الأسئلة بعناية، حتى لا يشير إلى وجود حدث ويخاطر بخلق ذاكرة خاطئة. لا يمكن تحديد موثوقية النوبة المصاحبة للأمراض التي يتم استردادها باستخدام هذه الاستراتيجيات إلا من خلال التأكيدات الخارجية.