القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

يوم القادسية

98

د/ زمزم حسن
استمر القتال في ليلة الهرير حتى بزغ نور شمس اليوم الرابع وهو يوم القادسية، والناس على مواقعهم لم تغمض لهم عين، وقد نال منهم التعب والجهد بعد ليلة قتال شديدة، وكان القعقاع بن عمرو من أكثر الناس إدراكا لما أصاب المسلمين في تلك الليلة من تعب وجهد، ولكنه رأى بعين القائد الخبير أنه لابد لهذه الحرب أن تنتهي، ولابد من مواصلة الحرب والقتال حتى ينزل الله نصره على عباده المؤمنين، فسار القعقاع بين المسلمين يشد من أزرهم ويحثهم على الثبات ومواصلة القتال، قائلا: «أن الدبرة بعد ساعة لمن بدا القوم بتخاذل فاصبروا ساعة واحملوا فإن النصر مع الصبر فأثروا الصبر على الجزع»، ويدل هذا أن القعقاع بن عمرو مسموع الكلمة، مهاب الجانب سواء في قومه تميم أو غيرهم، ولهذا كانت كلماته مسموعة ونافذة ويدل هذا على مكانته الكبيرة بين المسلمين، فما أن حثهم القعقاع على مواصلة القتال، اجتمع عدة من الرؤساء وقصدوا رستم، واستطاع القعقاع ومن معه أحداث فجوة في صفوف الجيش الفارسي، فحمل بعض المسلمين على من يليهم من الفرس، حملة واحدة واقتتلوا، حتى انتصفت الشمس في كبد السماء، وكان أول من تراجع تحت ضغط المسلمين هو الهرمزان والجناح الذي يقوده، وانفرج القلب، وهبت ريح عاصفة اقتلعت خيمة رستم وألقت بها في النهر، وتقدم القعقاع ومن معه حتى وصلوا سرير رستم، وكان رستم قد هرب واختبى تحت بغل من بغاله، ورأى هلال بن علفة التميمي هذا البغل فضربه بسيفه فقطع حباله، فوقع الحمل على رستم، فحمل عليه هلال وقتله ثم نادى المسلمين قتلت رستم ورب الكعبة، وعندما انتشر خبر مقتل رستم عند الجيش الفارسي، وهنت عزيمتهم وضعفت قوتهم القتالية، ورأى الجالينوس فعرف خطر المواصلة في المعركة وأمر الفرس بالانسحاب، فعبر الردم من استطاع من الفرس، أما المربطين بالسلاسل أصابهم الخوف والهلع فرموا أنفسهم في نهر العتيق ووخزهم المسلمون برماحهم فغرقوا جميعا ولم ينجُ منهم أحد. وقد وجه سعد بن أبي وقاص اثنين لملاحقة من هرب من الفرس وهما القعقاع بن عمرو وشراحبيل بن السمط وقد أنجز القائدان ما أوكل إليهما.

وقد أثنى سعد بن أبي وقاص قائد المسلمين في معركة القادسية على القعقاع وقومه بني تميم وثمن دورهم وبلائهم العظيم قائلا:
وَمَا أَرْجُو بجيلة غَيْرَ أَنِّي أُؤَمَّلُ أَجْرَهَا يَوْمَ الْحِسَابِ
وَقَدْ لَقِيَتْ خُيُولُهُمْ خُيُولا وَقَدْ وَقَعَ الْفَوَارِسُ فِي الضِّرَابِ
فَلَوْلا جَمْعُ قَعْقَاعِ بْنِ عَمْرٍو وَحَمَّالٍ لَلَجُّوا فِي الْكِذَابِ
هُمُ مَنَعُوا جُمُوعَكُمُ بِطَعْنٍ وَضَرْبٍ مِثْلَ تَشْقِيقِ الإِهَابِ
وَلَوْلا ذَاكَ أَلْفَيْتُمْ رِعَاعًا تُشَلُّ جُمُوعُكُمْ مِثْلَ الذُّبَابِ
وقد أثنى كثير من الشعراء على بني تميم ودورهم في القادسية وأنهم تركوا أثرا عظيما لن يمحى أبدا ومن هذا أن أهل اليمامة سمعوا مجتازا ينشد هذه الأبيات:
وجدنا الأكثرين بني تميم غداة الروع أصبرهم رجالا
هم ساروا بأرعن مكفهر إلى لجب فزرتهم رعالا
بحور للأكاسر من رجال كأسد الغاب تحسبهم جبالا
تركن لهم بقادس عز فخر وبالخيفين أياما طوالاأكفهم وسوق بمردى حيث قابلت الرجالا مقطعة

قد يعجبك ايضا
تعليقات