كتب_د.فرج العادلي
استيقظت في صلاة الصبح فزعًا على صراخٍ شديدٍ… عاليًا، سريعًا ، به بحة عنيفة يخرج الكلمات بنزع شديد لدرجة أني لم أفهمه إلا بعد كلمات من التأمل، فوجدته يؤذن لصلاة الفجر !
هذه الطلعة العالية العنيفة القاسية على النائم، والطفل، والمريض، وغير المسلم، تتنافى مع النداء للصلاة،
وتتنافى مع هدوء الفجر وسكون الليل، واطمئنان النفس فيه.
هذا الصوت جعلني أشعر بضجر وغضب.
ساعتها تذكرتُ كم هدى الله تعالى أناسًا حيارى في صلاة الفجر بسبب أصواتٍ المؤذنين الجميلة المريحة للنفوس، الممتعة للآذان، الخاشعة الشجية الملامسة للقلوب.
الأمر يا أحباب دين، فإن هذه الأصوات منفرة مضجرة محزنة مفسدة للنفوس والقلوب.
وهي بهذا مخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي قال لمن رأى في نومه صيغة الأذان علمه بلالًا فإنه
أندى، أي أجمل، وأعذب، وأمد منك صوتا، بل كان رسول الله يقيم المسابقات من أجل اختيار أجمل الأصوات للأذان. !
أَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ وَأَبُو الشَّيْخِ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ بِأَبِي مَحْذُورَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِنَحْوِ عِشْرِينَ رَجُلًا فَأَذَّنُوا فَأَعْجَبَهُ صَوْتُ أَبِي مَحْذُورَةَ فَعَلَّمَهُ الْأَذَانُ .
وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَقَدْ سَمِعْت فِي هَؤُلَاءِ تَأْذِينَ إِنْسَانٍ حَسَنِ الصَّوْتِ وَصَحَّحَهُ اِبْنُ السَّكَنِ .
وَحَدِيثُ أَبِي مَحْذُورَةَ هَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا وَلَفْظُهُ : قَالَ لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُنَيْنٍ خَرَجْت عَاشِرَ عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ نَطْلُبُهُمْ فَسَمِعْنَاهُمْ يُؤَذِّنُونَ بِالصَّلَاةِ فَقُمْنَا نُؤَذِّنُ لِنَسْتَهْزِئَ بِهِمْ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَمِعْت فِي هَؤُلَاءِ تَأْذِينَ إِنْسَانٍ حَسَنِ الصَّوْتِ فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا فَأَذَّنَّا رَجُلٌ رَجُلٌ وَكُنْت آخِرَهُمْ فَقَالَ حِينَ أَذَّنْت تَعَالَ فَأَجْلَسَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَسَحَ عَلَى نَاصِيَتِي فَبَرَّكَ عَلَيَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
ثُمَّ قَالَ اِذْهَبْ فَأَذِّنْ عِنْدَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ الْحَدِيثَ .
وعلى هذا فإن المؤذن سيء الصوت لا يجوز تمكينه من الأذان ، وإنَّ أذانه حينئذٍ يكون مكروها، لمخالفة السنة في اختيار المؤذن، فضلا عن الأضرار المترتبة على أذانه ومنع الخير عن الغير خاصة في صلاة الفجر .