بقلم/ حسن محمد
كتبَ فؤاد حداد قصيدة عنوانها:«بكيت في الأول بكيت في التاني».
في مطلعها يقول:
« بكيت مسحت دموعي
بامسح دموعي بكيت… »
أقف عند هذين البيتين ودهشتي تسألني: هل خدعوك الأجداد والآباء لما قالوا:
«متمسحش دمعتك إلا إيديك..»
لمَ بكى فؤاد في الثانية؟
ربما كان حداد وحيدا فلم يجد يدا تناوله منديلا به يجفف دموعه بيده
أو ربما كان محاطا بالأصحاب، ولأن الدمع عزيز ولأن الإنسان تصعُب عليه نفسه أن يبكي أمام أحد، لذلك تجده يبكي لانه بكى، ويالكبرياء الضعيف!
تُتلى علي أبيات القصيدة تناغم احتمالي الأول تنافر الثاني:
«املوا علينا البيت
املوا علينا المخيم
املوا علينا الظلام
أنا القتيل المتيم
املوا علينا الشجن
أنا قتيل اتسجن….»
أردد مع الصوت البعيد الجريح:
أنا قتيل اتسجن
وسجني الحنين
وقاتلي الفراق..
آه من الفراق، حينما بكيت على رحيل جدي لم تسعفني يدي ولا أيْد العالم أن تكفّف دموعي، ولا واستني كلمة من قريب أو غريب.
وأضيف متواضعا حكمتي الإنسانية على جملة الأجداد:
متمسحش دمعتك على حبيبك إلا إيد حبيبك..
ويسألني الحنين:
أين الحبيب؟
أين أهل البيت؟
فيرد فؤادي وحداد:
«املوا علينا البيت
املوا علينا الطريق
مبلول كأنه طري
غنيت لقطر الندى
من كتر ما غنيت
شقت جفون اللي نام
رمت صبية و غلام
املوا علينا الصرخة
املوا علينا الكلام
املوا علينا الفرحة
املوا علينا الهوا
املوا علينا عنينا
نزفنا دم النور
نزفنا في حبكم
دم الخيال خلينا
كل البلاد و الشهور
بلد وشهر حرام »