القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

هل حبس الحاسد جائز شرعًا؟

110

 

كتب د – فرج العادلي

كان العلماءُ يفتون بعدم خروج الحاسد الذي عُرف عنه الحسد إلى العمل، والأسواق، وأماكن التجارة، وغيرها من الأماكن التي يتوقع فيها رؤية النعم على الناس.

بل كانوا يطلبون من الحاكم أن يحبسه، ويجري عليه رزقًا حتى لا يخرج فيخالط الناس؛ لأنه يفتك بهم، ويوقع عليهم أضرارًا كثيرة، ومريرة، وهو يُعد آلة قتل خفية خطيرة، وحقيرة، ووسيلة من وسائل التدمير، والخراب، للناس، والنسل، والزرع والحرث …

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن العين تدخل الجمل القدر، الرجل القبر»

فيسطيع قتل الجمل مع قوته الهائلة، وقدرته الفائقة على التحمل وكذلك البشر من باب أولى.

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين» رواه مسلم.

فمع وجود القدر، والإيمان به لكن ينبغي أن نأخذ بالأسباب، وأن نفر من الحاسد، والعائن كما نفر من السباع الضاريات.

روى الإمام مالك_رحمه الله تعالى_ أن عامر بن ربيعة رأى سهل بن حنيف يغتسل، فقال: واللَّه ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة.(يعني أعجب بجسده، وجمال جلده) قال: فلَبِط سهل (يعني خرَّ على الأرض صريعًا لا يستطيع القيام)

فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرًا فتغيظ عليه وقال: «علام يقتل أحدكم أخاه، إلا بركت، اغتسل له»

فغسل له عامر وجهه ويده ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه داخلة إزاره في قدح، ثم صب عليه، فراح مع الناس.(يعني قام نشيطًا)

وهذا ما تم تأكيده بالأبحاث النفسية، العلمية، المعاصرة، وهو يؤكد صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله، وأثر الاستعاذة والتحصن في تقوية الروح لتدفع خطر العين.

(ونحن لا نحتاج تأكيدًا)

قال ابن القيم_رحمه الله تعالى_: ومن علاج ذلك – العين – أيضًا والاحتراز منه ستر محاسن من يخاف عليه العين بما يردها.

ذكر الإمام البغوي_رحمه الله تعالى_ في كتاب شرح السنة: أن عثمان رضي الله عنه رأى صبيًا مليحًا فقال: دسموا نونته لئلا تصيبه العين

( ومعنى دسموا نونته): أي: سودوا نونته، والنونة: النقرة التي تكون في ذقن الصبي الصغير.

يعني اجعلوا على وجه، وذقنه شيئا من السواد ليقلل من حسنه في نظر الحاسد.

وما يؤيد هذا أن التحفظ من حضور العائن نص عليه العلماء بل نصوا على حبس العائن ومنعه من مخالطة الناس إذا تؤكد من ضرره.

جاء في زاد المعاد: إنَّ مَن عُرِفَ بذلك – الإصابة بعينه – حبَسه الإمامُ، وأجرَى له ما يُنفِقُ عليه إلى الموت، وهذا هو الصوابُ قطعاً.

وجاء في مدارج السالكين: وإذا عرف الرجل بالأذى بالعين ساغ بل وجب حبسه وإفراده عن الناس، ويطعم ويسقى حتى يموت، ذكر ذلك غير واحد من الفقهاء،

ولا ينبغي أن يكون في ذلك خلاف لأن هذا من نصيحة المسلمين ودفع الأذى عنهم، ولو قيل فيه غير ذلك لم يكن بعيدا من أصول الشرع.

أخيرًا: اجتنبوا الحاسد، وجنبوه رؤية أولادكم، وأخباركم، وصوركم، وحلكم، وترحالكم، وطعامكم، وشرابكم.

حفظنا الله تعالى وإياكم.

قد يعجبك ايضا
تعليقات