القاهرية
العالم بين يديك

رسالة إلى وزير الإعلام المصري

214

 

بقلم: نادرة سمير قرني
يعيش المجتمع المصري منذ فترة ليست بقليلة حالة من التسيب والانفلات وانعدام الأخلاق، وربما الجهل بالدين؛ ذلك لأن ما شهدناه في الفترة الأخيرة من انتشار جرائم الذبح إنما دليل على الجهل بأمور الدين وانعدام الرحمة والإنسانية، وقد قال المولى عزوجل في كتابه العزيز﴿ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً﴾المائدة الآية:32
ولا شك في أن مجتمعنا المصري كله يكاد يعلم بحادث ذبح نيرة أشرف طالبة جامعة المنصورة، ومن بعدها الطالبة سلمى بهجت طالبة جامعة الشروق، وغيرها وغيرها من جرائم الذبح التي انتشرت في مجتمعنا المصري فيكاد لا يمر يوم إلا ونشهد حادث مؤلم لابن يقتل والدته أو والده أو شاب يقتل فتاة لأنها لم تقبل الزواج منه أو زوج يقتل زوجته أو العكس بسبب المشاكل الأسرية، أو حادث قتل بسبب نزاع على الميراث أو بسبب التار.
إن نشر سيناريوهات مثل هذه المذابح اليومية كان ولازال له كبير الأثر في انتشار مثل هذه الجرائم، وربما التعاطف الذي أبداه الكثيرون من داخل مصر ومن خارجها مع الطالب محمد عادل قاتل الطالبة نيرة أشرف قد أعطى الفرصة لغيره من الشباب ليسلكون مسلكه وكأن هذه القضية هي قضية عادية وعقابها قد يكون السجن عدة سنوات قليلة أو البراءة نظراً لتعاطف الكثيرون مع الجاني.
إن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد إن لم تتخذ الدولة إجراءات حاسمة اتجاه نشر مثل هذا النوع من أخبار الحوادث، ومن هنا فإنني أطالب وزير الإعلام المصري بضرورة إيقاف نشر أخبار الحوادث ونشر سيناريوتها في جميع المؤسسات الصحفية والإعلامية بالدولة المصرية، وكذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، وضرورة تقنين عقوبات رادعة لمن ينشر فيديوهات أو سيناريوهات لمثل هذه الحوادث، كما أطالب وزير الإعلام المصري بمنع نشر أو بث أي مشهد في أي مسلسل أو فيلم أو ما إلى ذلك على شاشات التلفاز تحض على العنف أو القتل أو ما إلى ذلك، نظراً لتأثر نسبة من المشاهدين من البلطجية وذوي المستوى الثقافي المتدني وغير المثقفين بمثل هذه المشاهد.
ذلك لأن وسائل الإعلام تُعد كما يعرف الكثيرون واحدة من أهم وأخطر وسائل التنشئة الاجتماعية ليس في مصر فقط، ولكن في جميع الدول المتقدمة منها والمتأخرة، وقد كان أثرها واضح في مجتمعنا عندما سلك الكثير من أطفالنا مسلك الشخصيات الإجرامية والبلطجية وغيرهم وغيرهم من الشخصيات التي كان لها تأثير سلبي وخطير على هؤلاء الأطفال، فالطفل دون وعي يقتدي بشخصية معينة يراها في التلفاز ويتخذها مثله الأعلى فيحذو حذوها في كل تصرفاته دون أدنى تفكير في تصرفات هذه الشخصية هل هي صحيحة أم خاطئة.
وفي النهاية فإنني أطالب القضاء المصري بأن يكون له دور حاسم في مثل هذه القضايا، وألا يتهاون أو يتعاطف مع الجاني ذلك لأن التعاطف والتهاون قد يكون سبباً آخر في انتشار مثل هذه الجرائم، فأي شخص دون مبالاة قد يرتكب جريمة قتل وهو لايهاب السجن عدة سنوات، وقد قال المولى عزوجل في كتابه العزيز﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ۗ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (179) سورة البقرة

قد يعجبك ايضا
تعليقات