القاهرية
العالم بين يديك

حدود النقد ت س اليوت

282

د_إسلام الشيخ

من يتعرض لهذا المقال عليه أولا أن يطالع ” الوظيفة الاجتماعية للشعر » ، فكما أن للشعر أحيانا وظيفة ودورا اجتماعيا يختلف بحسب طبيعته فإن له دورا في تحقيق المتعة التي تختلف بدورها من شخص إلى شخص ويرجع الاختلاف لعوامل عدة من أهمها في رأينا ثقافة المتلقي وفهمه للنص الشعري والجو النفسي والظروف البيئية…
ويأتي النقد ليصنع وظيفة مماثلة ومتساوية الحدود مع الشعر، فكما تناول ت.س.اليوت الحديث عن العمل النقدي الرائع الذي يحمل عنوان « تأملات » وهو سلسلة من المقالات لاثنى عشر ناقدا يحلل كل منهم قصيدة واحدة من اختياره الخاص ، وهو ما أطلق عليه مدرسة عصارة الليمون في النقد، وبما أن اليوت كان صاحب قصيدة بروفروك التي اختتم بها الكتاب ، يقول : فقد انتابتي الدهشة من التحليل .
هذا جعله يعي جيدا أن الناقد يختلف في قراءته للنص وتأويله للعمل الأدبي عن مطابقته لحال الشاعر، ولذا يبقى للناقد تفوقه وللنقد متعته في البحث والاستنطاق للعمل الأدبي، ومن هنا فرق بين الناقد الأدبي والناقد الذي تجاوز حدود النقد الأدبي ، فهو يرى أن الناقد الأدبي عليه ألا يكون مجردا من ألوان الاهتمام الأخرى لأن أدبه سيكون تجريدا محضا فللشعراء ألوان أخرى من الاهتمامات غير الشعر وإلا كان شعرهم فارغا ، فيجب على الناقد أن يكون مثقفا وكذلك فقيها بعصره والعصور الأخرى ملما بكل البيئات والثقافات.
فهو ليس مجرد خبير تقني تعلم القواعد النقدية ، وإنما هو مبدع بمعنى الكلمة ، إذن فهو يقوم بدورين ( الفهم والإمتاع) ، والفهم يجب أن يكون بتقنية كميزان الذهب بحدود قليلة حتى لايقتل الإمتاع الذي ينبع من الإبداع في إظهار جوانب المتعة وخبايا النص الشعري في قراءة خاصة بذلك الناقد والتي تعتبر بصمة شخصية مهما تعاور النقد للنص الشعري فدائما الإحساس بالجمال يختلف من شخص لآخر.
وأن أوجه ومعايير القصور في النص يجب ألا يتوقف عندها الناقد إلا إذا استدعت الحاجة كأن يكون في موضع موازنة، أو غيرها من الأمور البحثية .
وكذلك إذا نظرنا لأى كتابة فنستطيع أن نحكم عليها إذا كانت عملا أدبيا أم غير أدبي وذلك من جهة …هل تهدف إلى الفهم والإمتاع أم لا ؟
ومن هنا فإن اليوت يرى أن الخوض في تفاصيل كثيرة بعيدة عن النص كحياة الشاعر الشخصية لايعد من النقد الأدبي بل هو نقد غير أدبي ، وقد تكون له أهميته لكن ليس هنا .
وبهذا الوعى استطاع أن يرسم حدود النقد الأدبي .

قد يعجبك ايضا
تعليقات