القاهرية
العالم بين يديك

جمال القبح

157

 

بقلم السيد عيد

القبح جميل نعم القبح جميل مثله مثل الدواء المر فى ظاهره قبيح وفى باطنه جميل انه امر نسبي أى ما أراه جميل تراه أنت قبيح والعكس.

قد تجد أنثى حسناء غاية فى الجمال ،لكن لا تلبث أن ترى خلف جمالها فكرَها الملوث، وسعيَها الدؤوب لنشر الرذيلة وقتل العفة والفضيلة، وقد تراها جميلة ولكنها قد تكون نكدية فسرعان ما يزول هذا الجمال عندما تقعُ على قُبحِ باطنه، وسوادِ نفسه، هنا نرى تعرية القبح الداخلى للنفس وليس امتداح الجمال، وليس التغزل بلغاليغها، حتى لو كانت تلك “اللغاليغ” جميلة ومدهونة جيدا بالمساحيق السادة للمسامات والتجعدات والضمائر” فتنسى جمالَ صورتِها فلا تعود ترى إلا قُبحاً

إن التصور غير الصحيح للجمال أنه يتعلق بالشكل الخارجي فحسب، فكثير نرى أناسا مظهرهم ليس بالجميل ولكنهم يجسدون جميل الخصال والمعاملة الحسنة يرمزون لجمال الروح ويعبرون عنه بالعطاء والنوايا الصافية والمشاعر الصادقة.

الجمال أوالقبح ليس بالمظهر الخارجي ولا بالملابس الأنيقة ولا بربطة عنق شيك ولا بالأموال ولا بالكلمات المنمقة الجميلة بل الذى فى داخله جمال حقيقى حتى وإن بدا غير ذلك من الخارج.

لوحة لامرأة عارية تعتلي ظهر حصان. هل في هذا المنظر ما يسترعي انتباهك؟
فالعامة اعتادوا على أن ينفروا من صورة الأنثى العارية باعتبارها رمزا للفسق والفجور والخطيئة لنجد من سيصب جام غضبه على من رسمها، ومن أحضرها، ومن أتى بها وعلقها على الجدران،
ولكن عندما تتمعّن قليلا في تفاصيل اللوحة، سرعان ما ستكتشف أن صورة المرأة العارية فيها ليست ممّا يثير الغرائز أو يخدش الحياء ففى عام 1898 رسمت لوحة لامرأة عارية تركب حصاناً تخليداً لقصة فائقة الإنسانية.
فعندما تنظر الى اللوحة سيساورك إحساس بأن ملامح المرأة ورأسها المنكّس إلى أسفل ونظراتها المنكسرة تنمّ عن شعورها بالحرج والحياء وتوحي بأنها لم تختر هذا الموقف من تلقاء نفسها وإنما قد تكون دُفعت إليه دفعا ورغما عن إرادتها إنها الليدي غوديفا زوجة لأمير انجليزي يدعى ليوفريك كان حاكما لمقاطعة كوفنتري خلال العصور الوسطى كان حاكماً قاسياً يحكم شعبه بالحديد والنار، وقد أرهقهم بالضرائب واكتظت السجون بالفقراء. وجاءت زوجته وأخذت تترجاه أن يخفف عن الشعب ويعفو عن المساجين الفقراء فرفض بشدة. ومع إلحاحها وحتى يتخلص من إلحاحها المستميت والمستمر قال لها: أتريدين أن أخفف الضرائب، وأعفو عنهم، تجولى فى شوارع المدينة وأنتِ عارية، إذا فعلت هذا سأحقق طلبك، وكان يظن أنها لن تفعل هذا وبذلك يكون قد تخلص من طلباتها الدائمة للشعب. ولكنها قالت له: إن فعلت هذا تحقق طلبي؟، فقال: نعم، فقالت: اقسم أمام الوزراء، فجمع وزراءه وأقسم على هذا.

وفى صباح اليوم التالى جاء إليه أحد الوزراء وقال له: زوجتك تسير فى الشوارع على حصانها عارية، فوضع الأمير الحاكم يده على رأسه وقال: ياللفضيحة هل فعلت هذا؟! وكل الشعب رأى زوجتى عارية؟، فقال له: لا يا مولاى فالشعب حين عرف أنها فعلت هذا لأجل أن تخفف عنهم الضرائب وتفرج عن المساجين أغلقوا الشبابيك ولم ينزلوا إلى الشوارع فهى تتجول والشوارع خالية تماماً.

هل نعتبر هذه المرأة قبيحة مستهترة أم أنها جميلة نقية لأنها فعلت هذا حتى تريح شعبها؟ ذلك الشعب الذى أبى إلا أن يغض بصره أن يراها عارية.

ومن هو القبيح فى تلك اللوحة ليس من تظهر عارية . فالقبح والجمال له مقياس آخر غير مقياس الملامح والكلمات، إنها الملامح الداخلية، إنه النور والحق والخير، إنها بصمات اللـه التى شوهها الإنسان بأنانيته وذاتيته وخداعه وحماقته القبيح فى هذه اللوحة الآن هو تقاليد وعادات عفا عنها الزمن نحتاج للملامح الداخلية لغوديفا واحساسها بشعبها ونحتاج لأخلاقيات وحياء وعادات وتقاليد شعبها نحتاج لتدين صحيح لنفرق بين جمال القبح وقبح الجمال.

قد يعجبك ايضا
تعليقات