القاهرية
سنتناول فى المقال التالي كيف نهض الفاروق بالدولة الإسلامية وكيف أدرك علم العالم كله كيف يكون الاقتصاد الإسلامي
أولاً: مصادر دخل الدولة في عهد عمر رضي الله عنه:
نظر المسلمون في العصر الراشدي إلى المال بكل أشكاله وأنواعه بأنه مال الله، وبأن الإنسان مستخلف فيه، يتصرف فيه بالشروط التي وضعها المولى عز وجل، والقرآن الكريم يؤكد هذه الحقيقة في كل أمر يتعلق بالمال وإنفاقه فيقول:( آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ( الحديد،آية:7، ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ ( البقرة،آية:254، وقوله تعالى يتحدث عن البر وهو جماع الخير
( وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ ( البقرة،آية:137 وإيتاء المال اعتراف من المسلم -ابتداء- بأن المال الذي في يده هو رزق الله له:((وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ( لأنه خلقه هو، ومن هذا الاعتراف بنعمة الرزق انبثق البر بعباد الله، وعلى هذا الأساس الإيماني نظر الفاروق إلى مال الدولة التي توسعت مواردها في عصره، حيث فتحت الدولة بلداناً واسعة، وخضعت لحكمها شعوب كثيرة، فنظم علاقة الدولة مع هذه الشعوب، فمنهم من دخل في حكم الدولة صلحاً، ومنهم من دخل في حكمها كرهاً، وتبعاً للفتح آلت إليها أرض غلبت عليها عنوة بقوة السلاح، وأراضٍ صالح أصحابها، وأرضٌ جلا عنها مالكوها أو كانت ملكاً لحكام البلاد السابقين ورجالهم، ومن شعوب هذه البلاد كتابيون أهل كتاب كاليهود والنصارى نظم الفاروق طريقة التعامل معهم وفق شرع الله المحكم، وقد قام عمر رضي الله عنه بتطوير النظام المالي في دولته سواء في الموارد أو الإنفاقات أو ترتيب حقوق الناس من خلال نظام الدواوين، وقد أخذت موارد الدولة تزداد في عصر عمر رضي الله عنه، وشرع في تطويرها، ورتب لها عمالاً للإشراف عليها فكانت أهم مصادر الثروة في عهده: الزكاة، والغنائم، والفيء، والجزية، والخراج، وعشور التجار، فعمل الفاروق على تطوير هذه المصادر واجتهد في قضايا وفق مقاصد الشريعة التي وضعت لمصالح العباد، فقد أخذت الدولة تستجد فيها ظروف لم تكن موجودة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمر رضي الله عنه منفذاً للكتاب والسنة تنفيذا عبقرياً، لا يستأثر بالأمر دون المسلمين، ولا يستبد بالرأي في شأن من الشئون، فإذا نزل به أمر جمع المسلمين يستشيرهم ويعمل بآرائهم