القاهرية
العالم بين يديك

المتحابون بجلال الله

141

بقلم : زين العابدين آل عوض
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظلَّ إلا ظلِّي)
الحب في الله رابطة من أعظم الروابط، وآصرة من آكد الأواصر، جعلها سبحانه أوثق عرى الإسلام والإيمان، فقال – صلى الله عليه وسلم -: (أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله، والحب في الله والبغض في الله عز وجل) رواه الطبراني وصححه الألباني .

بل إن الإيمان لا يكمل إلا بصدق هذه العاطفة، وإخلاص هذه الرابطة قال صلى الله عليه وسلم: (من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان) رواه أبو داود .

ومن أراد أن يشعر بحلاوة الإيمان، ولذة المجاهدة للهوى والشيطان فهذا هو السبيل، ففي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)، والمرء يفضل على صاحبه بمقدار ما يكنه له من المحبة والمودة والإخاء، قال – صلى الله عليه وسلم -: (ما تحاب اثنان في الله تعالى إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه) رواه ابن حبان وصححه الألباني .

وأما الجزاء في الآخرة فهو ظل الرحمن يوم لا ظل إلا ظله، وقد أخبر – صلى الله عليه وسلم – أن من بين السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه)
والأصل في الحب والبغض أن يكون لكل ما يحبه الله أو يبغضه، فالله يحب التوابين والمتطهرين، والمحسنين، والمتقين، والصابرين، والمتوكلين والمقسطين، والمقاتلين في سبيله صفا، ولا يحب الظالمين والمعتدين والمسرفين والمفسدين، والخائنين، والمستكبرين.

ولهذا فإن شرط هذه المحبة أن تكون لله وفي الله، لا تكدِّرها المصالح الشخصية، ولا تنغصها المطامع الدنيوية، بل يحب كل واحد منهما الآخر لطاعته لله، وإيمانه به، وامتثاله لأوامره، وانتهائه عن نواهيه، ولما سئل أبو حمزة النيسابوري عن المتحابين في الله عز وجل من هم ؟ فقال: العاملون بطاعة الله، المتعاونون على أمر الله، وإن تفرقت دورهم وأبدانهم .

والمحبة في الله هي المحبة الدائمة الباقية إلى يوم الدين، فإن كل محبة تنقلب عداوة يوم القيامة إلا ما كانت من أجل الله وفي طاعته، قال سبحانه:{الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } (الزخرف: 67)،

وأما من أحب شخصا لهواه، أو لدنياه، أو لمصلحة عاجلة يرجوها منه، فهذه ليست محبة لله بل هي محبة لهوى النفس، وهى التى توقع أصحابها فى الفسوق والعصيان عياذاً بالله من ذلك

وهناك أمور تزيد في توثيق هذا الرباط العظيم وتوطيده، حث عليها النبي – صلى الله عليه وسلم – ومنها: إعلام الأخ – الذي له في نفسك منزلة خاصة، ومحبة زائدة عن الأخوة العامة التي لجميع المؤمنين بأنك تحبه، ففي الحديث: (إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه لله) رواه الإمام أحمد وصححه الألباني،

ومنها تبادل العلاقات الأخوية، والإكثار من الصلات الودِّية، فكم أذابت الهدية من رواسب النفوس، وكم أزال البدء بالسلام من دغل القلوب، وفي الحديث (تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء) رواه مالك في الموطأ وحسنه ابن عبد البر وقال – صلى الله عليه وسلم -: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم) رواه مسلم .
اللهم اجعلنا من المتحابين فيك ولك
وألن قلوبنا وانزع منها القسوة والبغض واشف اللهم مرضانا ومرضى المسلمين .واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

قد يعجبك ايضا
تعليقات