بقلم-أماني مختار
سمعت كلمة لطيف التي جاءت في القرآن الكريم مرات عديدة صفة لله جل جلاله، منها قوله تعالى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ}، ولكن هل توقفت مع تلك الصفة لطيف وقفة تأمل حقيقية وخرجت منها بنتائج إيجابية؟
“يا لجمال يومنا عندما يلامسه اللطف”، هكذا عبر جورج إليستون عن قيمة اللطف في يومنا. إذا افترضنا أن العلاقة بين اللطف والسعادة قد تبدو منذ الوهلة الأولى لدى البعض أمراً غير مستساغ، فإننا بمجرد النظر إلى التجارب اليومية والدراسات العلمية سنجد أن أول أثر من آثار اللطف أنه يجعلنا أكثر سعادة، وهذا شيء جميل في الحقيقة لم ينتبه إليه جميع الناس رغم فائدته العظمى على الإنسان. لقد أثبتت دراسات عديدة دور اللطف في جلب السعادة إلى الإنسان، ففي دراسة أجرتها “سونياليوبوميرسكي”، أستاذة علم النفس في جامعة كاليفورنيا، طلب من المتطوعين القيام بخمسة تصرفات لطيفة أسبوعياً على مدى ستة أسابيع، وشملت تلك التصرفات: التبرع بالدم، ومساعدة صديق في الدراسة، وزيارة أحد الأقارب من كبار السن، وقد خرجت الدراسة بأن الأشخاص الذين قاموا بتصرفات لطيفة أصبحوا أكثر سعادة. ثم أجريت دراسة أخرى على حوالي خمسمائة شخص استمرت لمدة ستة أسابيع، تم تقسيم المشاركين في الدراسة إلى مجموعات، وطلب من بعض الأشخاص القيام بتصرفات لطيفة، في حين طلب من آخرين عدم القيام بأي تصرفات لطيفة على الإطلاق، وعند قياس العافية النفسية العاطفية لكل شخص بعد ستة أسابيع تم اكتشاف أن الأكثر سعادة هم أولئك الذين قاموا بتصرفات لطيفة تجاه الآخرين. والحقيقة أن اللطف الذي يجلب للإنسان السعادة لا يقتصر على اللطف مع الآخرين فقط، بل يشمل اللطف مع النفس أيضاً، واللطف مع النفس ليس بالضرورة أن يكون عبارة عن شراء شيء ما نحبه أو نحتاجه، بل قد يتم من خلال العمل على تغيير واقع علمي أو أخلاقي أو تطوير موهبة ذاتية أو إثبات القدرة على اتخاذ قرار مفيد، وكل ما يدخل تحت اللطف مع النفس يؤدي بالضرورة إلى الثقة في النفس، وبالتالي قمة السعادة وروعة الإنجاز. ومن مزايا اللطف أنه يسعد الصغار والكبار، وله دور كبير في التقليل من القلق الاجتماعي، ومضاد للاكتئاب، كما أنه دواء منشط لكبار السن، إنه يحفز هرمونات السعادة والفرح ويفرز “السيروتونين” ويسفر عن تغيرات فيزيائية في الدماغ، ثم إن اللطف له قوة خاصة تتمثل في أنه لا يجعلنا أكثر سعادة فقط، بل يتجاوز ذلك ليقوم بإحداث تحول في الحياة بشكل عام، فيجعل من نكون لطفاء معهم أكثر سعادة. اللطف والقلب قد يكون من المريح للإنسان إخباره بأن الأثر الثاني من آثار اللطف الخمسة تمثل في أنه مفيد للقلب، وأن اللطف يعطي الإنسان إحساساً دافئاً في الصدر، ويمنحه هرمون “أوكسيتوسين” الذي يعد مسؤولاً عن الآثار الإيجابية على القلب والشرايين، كما أنه مسؤول أيضاً عن مشاعر الثقة، ويساعد الأمهات على الارتباط بأطفالهن الرضع والوالدين على الارتباط بأولادهم.
في النهاية تعامل بلطف مع الاخرين لكي يجلب لك السعادة وراحة القلب.

رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية