القاهرية
العالم بين يديك

الدكتوراة الفخرية أكذوبة وهمية

160

نهاد عادل

في الآونة الأخيرة ظهرت أسماء كثيرة تُعَرِف نفسها بالدكتور فلان أو الدكتورة  الفلانية، وتطرز كتاباتها وكروتها الشخصيّة بحرف يسبق اسمها المجرد بحرف الدال المضخم، كل ذلك يحدث حيث بات حلم الكثيرين من الطامحين لمناصب أو رئاسة مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني، وأصبح الشغل الشاغل لهم الحصول على لقب دكتور، وحتى لو كان من جامعة وهمية أو مؤسسة مجتمعية خيرية ويتم منح صاحب الأعمال الإنسانية  الخيرية شهادة الدكتوراة الفخرية، والغريب أن البعض منهم يحمل شهادة الثانوية العامة وبعضهم لا يحمل درجة البكالوريوس  الجامعية  و بقفزة فريدة وبحركة بهلوانية يقفز على اللوائح والقوانين المرعية في الحصول على شهادة الدكتوراة عابراً بذلك شهادة البكالوريوس والماجستير التي يجب أن  تمنح قبل الدكتوراة !، ليعلن للملأ أنه قد حصل على شهادة دكتوراة ومن جامعة غير معترف بها أو من مؤسسة خيرية لاتحمل صفة أكاديمية .
إن  الحائز على شهادة الدكتوراة  الفخرية ليس من حقه قانونا أن يتم مخاطبته بلقب «دكتور»، مؤكداً أن «دكتور» هو لقب علمي أكاديمي يلازم الممنوح له طوال فترة حياته، أما بالنسبة للدكتوراه الفخرية فهي ليست لقبا علميا، «لا يحق قول دكتور لأي شخص حائز على الدكتوراة الفخرية، ولكن تدرج له في السيرة الذاتية»، مضيفا أن الجهات التي تمنح الدكتوراة  الفخرية يجب أن تكون جهات تمنح دكتوراة أكاديمية.
فالدكتوراة الفخرية الوهمية أكذوبة طفت على السطح مؤخرا ومن قبل جامعات تجارية وهمية ومؤسسات إنسانية عالمية تتبنى مفاهيم ومباديء سامية في ظاهرها ولكنها في باطن الحقيقة تبث سموم التخلف وتعظّم قيمة الجهل من خلال تزييف الحقيقة وخداع عقول البسطاء من الناس بمنح شخصيات صفات ثقافية مثل هذه الألقاب الوهمية  يؤثر على مستقبل الوطن الثقافي والسياسي والأكاديمي .
و حقيقة منح مثل هذه الشهادات الوهمية  إن  استمر إطلاقها فإنها  بالتأكيد ستضعنا على رف من رفوف متحف الآثار ويشار إلى  خريجي جامعاتنا الرسمية  بكثير من الريبة والشك والنظر إلى  تعليمنا العالي بنظرة دونية ، فمن المعلوم أن مثل هذه الشهادات تم استحداثها في العالم المتحضر المتطور وكان الهدف منها تكريم صاحب الإنجاز الإنساني  الملموس، وعادة ما يكون ذو تعليم عالٍ وفكر مستنير قدّم الكثير للإنسانية،  فأعماله تشهد وكتبه توزع وتتصدر قائمة الأكثر قراءة، ولكن في دول العالم الثالث أصبح عنوانها ‘ فرصة للباحثين عن الشهرة .. بقفزة واحدة من محو الأمية إلى الدكتوراة  التقديرية  !
مثل هذه الظاهرة  السلبية  يجب التصدي لها بحزم وبتشريع قانوني يحاسب كل من يطلق على نفسه لقب دكتور بشهادة دكتوراة  فخرية  ولا يكفي أن يقتصر التشريع المعمول به حاليا على عدم الاعتراف بمثل هذه الشهادات الوهمية،  بل يجب محاسبته قانونيا وتقديمه للقضاء حتى نحافظ على هيبة وقيمة شهادة الدكتوراة الأكاديمية  وسمعة جامعاتنا الرسمية .

قد يعجبك ايضا
تعليقات