القاهرية
العالم بين يديك

خالد بن الوليد وبني تميم

138
د/ زمزم حسن
توجه خالد بن الوليد بجيشه إلى بني تميم. لم تكن بنو تميم على موقف واحد، فمنهم بطون إيتاء الزكاة وإتباع خليفة رسول الله، ومنهم من رأى عكس ذلك، وبقي فريق ثالث في حيرة من أمرهم. فلما وصل جيش خالد البطاح وهي منزل بنو يربوع، لم يجد بها أحدًا. كان سيدهم مالك بن نويرة ممن كانوا تحيروا في أمرهم، وكان قد أمر قومه بأن يتفرقوا.
بثّ خالد السرايا، وأمرهم بأن يأتوه بكل من لم يجب داعية الإسلام، وإن امتنع أن يقتلوه. وكان قد أوصاهم أبو بكر أن يؤذّنوا إذا نزلوا منزلاً، فإن أذن القوم فكفوا عنهم وإن لم يؤذنوا فاقتلوا، وإن أجابوكم إلى داعية الإسلام فسائلوهم عن الزكاة، فإن أقروا فاقبلوا منهم وإن أبوا فقاتلوهم.
عندئذ، جاءه الجند بمالك بن نويرة في جماعة من قومه، اختلفت السرية فيهم، فشهد أبو قتادة الأنصاري أنهم أقاموا الصلاة، وقال آخرون: إنهم لم يؤذنوا ولم يصلوا.
تم أسر مالك ابن النويرة وجيئ به إلى خالد، أمر خالد بقتل ابن نويرة، واختلف الرواة في سبب قتل خالد مالكًا، فمنهم من قال أن الأسرى قتلوا لأن الليلة كانت باردة، وقد أمر خالد بأن يدفئوا الأسرى، وكانت تعني في لغة كنانة القتل، فقتلهم الحراس.
ومنهم من قال أنه دارت بين خالد ومالك حوارًا استنتج منه خالد أن مالكًا ينكر الزكاة، بعدما قال الأخير: “أنا آتي بالصلاة دون الزكاة”، ليرد خالد ويقول: “أما علمت أن الصلاة والزكاة معاً؟ لا تُقبل واحدة دون الأخرى؟”، فقال له ابن النويرة: “قد كان صاحبكم يقول ذلك” ولم يقل نبي الله أو رسول الله، فرد عليه خالد: “أوما تراه صاحباً لك! والله لقد هممت أن أضرب عنقك بهذه الكلمة”، فقال ابن النويرة: “أوبذلك أمرك صاحبك؟” ليتضح لخالد بأن مالك ابن النويرة مرتد فعلاً، وذلك بتحذيره عدة مرات قبل أن يقوم بقتله بأن يدفع الزكاة وبأن لا يسمي النبي بهذه الصيغة التي تبين ردته عن الإسلام، إلى أن مالك أبى بكلا الأمرين، فقتله ضرار ابن الأزور بأمر من خالد.
وفي نفس ليلة مقتل مالك، تزوج من أم تميم ليلى بنت المنهال زوجة مالك على أنها سبية، والسبي كان من الأمور المتعارف عليها في الحروب عند المسلمين والكفار، وهذا الزواج أنكره العديد من الصحابة، حتى أن أبو قتادة ترك الجيش وعاد إلى المدينة بسبب خلاف مع خالد ، مقسمًا ألا يجمعه لواء مع خالد بن الوليد.
استنكر الصحابة في المدينة فعل خالد، وأرسل أبو بكر في طلب خالد.
كان عمر بن الخطاب ممن أغضبه فعل خالد، حتى أنه طلب من الخليفة أن يعزل هذا الأخير، إلا أن أبا بكر رفض ذلك، قائلاً: “ما كنت لأشيم سيفًا سلّه الله على الكافرين”.
عنّف أبو بكر خالدًا على فعله، ثم صرفه إلى جيشه، وودي مالكًا وردّ سبي بني يربوع.
لا يتوفر وصف للصورة.
قد يعجبك ايضا
تعليقات