أرجوك .. لا تصدقني تمامًا
كتب – طارق عادل عامر
العلاقات الإنسانية في الحياة لا تنطبق عليها قوانين الرياضيات والفيزياء، والعلاقات الإنسانية لا تنطبق عليها المعادلات وليس فيها ١+١=٢، والقواعد لا تنطبق على المواقف والتعاملات بين الناس بعضها البعض، والقرارات لا يمكن اتخاذها بناء على القواعد وأقوال الحكماء، فلكل قاعدة شواذ، وأحيانًا يكون الخروج عن القاعدة هو جزءٌ من القاعدة ذاتها، ففي الحياة عليك أن تفكر وتقرر في كل حالة وكل موقف على حدة، ولا تتخذ مواقف بناءً على قناعات مسبقة وقواعد ثابتة.
فما ينطبق عليك لا ينطبق على غيرك، وما يناسب غيرك قد لا يناسبك، فالإنسان ليس آلة، وليس من الصائب أن يتصرف كجهاز كمبيوتر مسبق البرمجة، فلكل إنسان ولكل حالة سوفت وير مختلف عن غيره، ولكل إنسان “كونشرتو” خاص به يميزه ولا يشبه أحدًا سواه، كل إنسان متميز كبصمة إصبعه وصوته المميز وبصمة عينيه.
– لو علمنا أن أهل مالطة كلهم كاذبون ولا نصدق منهم أحدًا، ثم جاءك أحد أهل مالطة وقال لك عن نفسه “أنا كاذب”.. فهل تصدقه وتخالف القاعدة؟ أم تكذبه وتخالف الحقيقة؟
– قال سقراط لتلاميذه: كل ما سيقوله أفلاطون الآن غير صحيح، فقال أفلاطون: كل ما قاله الآن سقراط صحيح.
فإذا كان ما يقوله أفلاطون غير صحيح كما قال سقراط فمعناه كل ما يقوله سقراط غير صحيح،
فحسب هذا القول أفلاطون يقول الحق.
ومعنى هذا أن كلام سقراط صحيح، وهذا يؤدي بالتالي إلى عدم صحة قول أفلاطون،
وهذا يكذب قول سقراط .
وتستمر النتيجة بالتغير ولا نصل إلى حل لصحة أو كذب ما يقوله أفلاطون أو سقراط لأننا هنا لكي نصل إلى نتيجة يجب ألا نطبق القاعدة.
– هناك رجل واقف على جسر ومطلوب منه أن يختبر كل من يريد المرور إن كان صادقًا أو كاذبًا، فإذا كان كاذبًا يشنقه.
أتي رجل ذكي يريد المرور، وقال له سوف أموت شنقًا.
هنا أراد الواقف على الجسر أن يختبر صحة أو كذب ما يقول هذا الرجل،
فإذا سمح له بالمرور ولم يشنقه، فهو يكون كاذبًا ويجب شنقه.
وإذا شنقه عندها سوف يكون صادقًا ويجب عدم شنقه. وهنا لم يستطع الوصول إلى نتيجة أو محصلة ثابتة.
– مثال آخر:
“كل الجمل الصغيرة كاذبة”
وهذه جملة صغيرة،
فهل هذا صحيح؟
إذا كانت هذه الجملة صحيحة، يجب أن تكون بالتالي غير صحيحة، لأنها جملة صغيرة، وهذا يكذبها، وهكذا دواليك.
وهناك الكثير من الأمثلة المشابهة.
الخلاصة، لا تلتزم بالقواعد في الحياة، القواعد ثابتة والحياة تتغير كالبحر، لا تصدق القواعد، اصنع قواعدك الخاصة التي تلائمك في كل موقف على حدة، ولا تلتزم بها أيضًا إذا لزم الأمر.
ملحوظة: لا ينطبق هذا على قواعد الدين والأخلاق.
رمضان كريم
