القاهرية
العالم بين يديك

الخروج من المصيدة

139

سهام سمير
يوم عقد النية على اصطيادها، جهز أدواته وشحذ همته ونام ليلتها مبكرا، واستيقظ فى الصباح الباكر قاصدا البحيرة.
الوصول للبحيرة ليس صعبا، والطريق لها ممهدا، وهو يستمتع عادة بالذهاب حتى لو لم يصيد.
ما جعله يعتزم الصيد اليوم هو مرآها مصادفة يوم تخلفت عن ركب صويحباتها.
وما يجعل صيدها سهلا هو شرودها الدائم، ولن يكلفه الأمر أكثر من السؤال عنها من بعيد لبعيد حتى يحصل على مبتغاه.
راودها عن نفسها في لحظة كانت أحوج ما تكون لرفقة إنسان.
أصعب من الوقوع في الشرك، أن تظل تراقبه من بعيد، وأنت تعلم يقينا أنه مصيدة، ثم تقرر الوقوع.
نقول وقع في الحب، لأنه وقوع مدوي، بدون أدنى مقاومة ولا تمهيد.
أما عن المصيدة فحوافها تجرح، وقلبها ظلام، وثقوبها تسمح برؤية مضببة وتعدها بالجنة.
الطريق للجنة معروف سلفا، أما الدهاليز الأخرى ففي النهاية ينتظرها الجحيم وهذا ما حدث.
البحر الذي نحبه ونخاف غدره، أغرق سفينتها، وما تبقى منها غير لوح خشبي، تعلقت به بقوة.
في الأحلام، نغرق ونعود للحياة أما في الكوابيس فالمصير محتوم.
في فيلم صغيرة على الحب، لم تلفتني وسامة رشدي أباظة بالعكس الفيلم الملون، سحب من وسامته الكثير، ولم أدهش لشقاوة سعاد فهي شقية دوما، وتستطيع ان تقنع المشاهد انها طفلة وأنثى.
لكن أكثر المشاهد التي علقت في ذهني، كانت مشاهد نور الدمرداش، حبه للأكل، وفشله في كل وصفة جعلنا نعرف مقدما أنه سيفشل في كسب ود سعاد.
الزواج المدبر، بين أختها وأخيه، ليجمعا بين الاثنين.المفارقة الهائلة بين حجم نور وسعاد.
جعلك تراها فراشة وقعت فريسة لوحش كاسر.
لم ننتبه أن الأكل فن، وأن محاولاته لارضائها كافية لخلق قصة حب، لكن هوايته غير هوايتها، ميوله عكس ميولها، ورؤيتهما مختلفة تمام الاختلاف.
ما قدمه الفيلم من استعراض لفتاة صغيرة في السن تريد أن تتذوق ولو مرة طعم الحب، جعلها ترشف الجرعة مرة واحدة.
من ذاق عرف، وهي لم تكتف بالتذوق بل ابتلعت ما ظنته حلوى، فاكتشفت أنه وجبة دسمة عسيرة الهضم.
الحلوة لسة صغيرة، ومع ذلك لم يرحم الحب صغرها ولا تنازل الصياد عن قنصها.
عاد يومها بصيد ثمين، ولم تعد هي يومها لأن البحر طواها سرا في أعماقه البعيدة.

قد يعجبك ايضا
تعليقات