القاهرية
العالم بين يديك

الأنثى حينما تحب

139

بقلم/ سالي جابر
قالت له: أحبك قدر اللحظات الجميلة التي أعيشها معك، وأمقتك عدد الدموع التي سالت على وجنتاي ليلًا دون أن يدري بي أحد.
ابتسم وقال: ولماذا لا تشتكين من قسوتي؟
قالت: هي ليست قسوة؛ إنه طبع تطبع عليه قلبك منذ الصغر، وتأست به جوارحك، ولأنني أحبك وأعلم مدى تلك الطيبة والتسامح اللذان تتسم بهما لكان كل شيء ولى وانتهى.
منذ متى ونحن نحاول الاستمرار في هذا الزواج، نضع عهودًا وننقضها، كل مواثيق الحب تقطعت، كل الأقلام جفت، كل الكلمات تبعثرت على طاولة البعد، لماذا …هل لديك إجابة؟!
ابتسم ووضع قبلة اعتذار على جبينها ثم تركها وحيدة كما يفعل دائمًا، لكن تلك المرة لم تقف خلفه وتنفعل، وتبكي وتتصل به إلى أن يغلق الهاتف في وجهها؛ لكنها قامت وشربت قهوتها على مهل، وأرسلت له رسالة تنص على أنها ستخرج تتنزه وتشتري بعض المتعلقات الخاصة بها.
وقالت لنفسها: من أين جاءتني تلك القوة لأصمت؟
ثم نظرت إلى المرآة نظرة خيبة ورجاء، وقالت: متى تغير شكلي إلى هذا المنظر المريب، متى ظهرت تلك الهالات، متى حدث كل هذا؟!
كنت أهتم به وأضحى ذاك الاهتمام ثعبان ينثر سُمه في أنحاء جسدي، كنت أنتظره خلف الباب حين عودته من العمل وأنثر البسمة في البيت كما أنثر الروائح العطرة.
هنا قامت وغسلت وجهها بالماء والأمل لتزيح عنه غبار الخوف والجهل، لتستطيع أن تفكر هل سيتغير شأنه، هل تتحمله أم ينفصلان بالمعروف؟
تشبثت بالأمل والحب الذي كان بينهما، عندما خرجت غيرت كل شيء، فعلت كل ما تحب، الذهاب إلى مراكز التجميل، شراء ملابس جديدة، تناول وجبة بسيطة في أحد الكافيهات، وعادت إلى المنزل قبل عودة زوجها، حينما دخل المنزل وبعد إلقاء التحية وسؤاله عنها وكأنها والدته وليست زوجته، اعتزل في كهفه المظلم لمدة لا تزيد عن عشر دقائق، دون أن تسأله أو تشكو إليه، أو تحكي تفاصيل يومها، لم تفهم لماذا فعلت هذا، هل لأن قلبها لم يحتمل المشاجرات اليومية، أم لتغير من روتينهما اليومي؟!
تناولا الغداء في صمت، وحملت الأطباق إلى المطبخ، وقامت بعمل كوبان من الشاي دون أن يطلب منها، وحملت هاتفها لتقلب بين تطبيقاته في ملل شديد، وبدأت تقرأ وتسمع عن حل الخلافات الزوجية، ذهبت إلى مختص في العلاقات الزوجية وعلمت منها أن الحب أشكال ودرجات، وخمس لغات، سألتها الأخصائية: ما لغة الحب التي بينكما؟!
صمتت لدقائق، إنها لا تعلم ولم تفكر في الأمر، وقالت: كنت أرى أن لدي احتياجات منه: الحب، الاشتياق، اللهفة، كلماته: أنني بجانبك، واتصاله بي دائمًا، كنت أحب منه ذاك الاهتمام.
ابتسمت وقالت لي: الحب خمس لغات، وأنتِ تفضلين الاهتمام، هل هو يعلم تلك اللغة التي تفضلينها، وهل أنتِ تعلمين اللغة التي يفضلها هو؟
وتعد المشكلات في أول عام من الزواج، لابد أن يعلم الطرفان اللغة التي يفضلها حبيبه، طريقة تفكيره، الحالة النفسية والبيولوجية التي خلقنا الله عليها، أنماط التنشئة تجعل الشخص قلِق أو متجنب أو يحب بطريقة صحية، حينما نفهم يزيل الخوف واللغط.
وكانت تلك الجلسة الأولى مع خبيرة العلاقات الزوجية، وتوالت فيما بعد الجلسات، التي جعلت حياتي جميلة، حقيقي حينما نفهم يتغير كل شيء.
في إحدى الجلسات سألتها سؤالًا طرق باب عقلي كثيرًا، لماذا الحمل الأكبر يقع على عاتق الزوجة؟
قالت: الأنثى تحب بكل جوارحها، وحينها تغفر وتسامح، وتحاول إيجاد حلولًا، ولهذا العبء الأكبر لنجاح الزواج يكون عندها، لكن هناك الكثير من الرجال يطرقون باب تلك الغرفة لتناول العديد من الاستشارات كوجبة دسمة لزوجته لتعود الحياة إلى مجرياتها الطبيعية.
بعد عدة أشهر من الجلسات قررت أن أغير شكل البيت وشكلي مع تغيير تفكيري، وهنا فقط انتبه زوجي لكل هذا التغير الذي يعلم يقينًا أنه ليس مفاجئًا بل هو صار بتعقب وتفكر في أن الحب لا يمحيه خلاف إلا إذا كان هشًا، وهذا البيت بُني بالحب والرحمة.
عادت حياتي معه سعيدة لأن زوجي رجل عاقل وواع، لكني بعدما علمت طبيعة الرجال أصبحت أخاف من تقلباته العاطفية، وغيرتي أصبحت كارثة يومية أحاول جاهدة التحكم فيها.
وها هي طبيعة الأنثى، ومشكلة جديدة أريد حلها.

قد يعجبك ايضا
تعليقات