بقلم – رانيا ضيف
مفهوم الإيمان عند كثير من الناس عجيب،
يحتاج لوقفة حقيقية لتصحيح المفاهيم وإدراك الحقائق، فالبعض يظن أن القرب من الله يتحقق بأداء العبادات من صلاة وصوم وحج وحفظ القرآن، دون أن ينعكس ذلك على سلوكه وتهذيب طباعه، أي دون تربية روحية وهذا هو العجب بعينه !
لو علم كثير من الناس أن الهدف من العبادات هو تهذيب النفس والارتقاء بها لمعارج المحبة الخالصة لعلموا أنهم ينافقون الله بعباداتهم الهزيلة غير النافعة لهم أو لغيرهم !
ليست دعوة للتقليل من شأن الشعائر وتأدية الفروض ولكنها دعوة لتوسيع الرؤية ولإدراك المقاصد لما نؤديه من عبادات وشعائر .
عندما سطحنا الدين وجعلناه مقتصرا على بعض العبادات دون الالتفات لمقاصد تلك العبادات وتأثيرها الروحي عملنا على خلق مجتمعات تعج بالفساد الأخلاقي بصبغة إسلامية !
فهذا الذي يُطلق اللحية ويصلي الفروض على أوقاتها جماعة في المسجد لا يرى الكذب جريمة أخلاقية ولامفسدة اجتماعية .
لا يرى الغش والحقد والغل وتدبير المكائد آفات عظيمة للنفس ومن ثم للمجتمع !
يتحسس من مفهوم الحب ويحصره في زاوية قاصرة جدا ولا يفهم الحب بمفهومه الواسع والمستمد من الحب الإلهي .
في حين أنه لا يخجل من إعلان الكراهية والبغضاء لبعض الناس أو لمن يخالفه في الفكر أو العقيدة !
مكارم الأخلاق والذي بُعث بها نبينا الكريم كالصدق والأمانة واحترام الكبير والعطف على الصغير ومراعاة اليتيم والإحسان للمسكين والضعيف إلى آخر تلك القيم المحمودة، باتت غريبة في مجتمعات طغى عليها حب المظاهر والمادة، فكانت النتيجة ما نحن عليه الآن . ومن نتائج ذلك النهج الكارثي
أن تسمح لنفسك أن تؤذي وتغدر وتطعن في الظهر وتكذب وتغش ثم قبل مواسم الطاعات تبدأ حفلة سمجة من إرسال رسائل نصية وصوتية واتصالات معايدة لمن ألحقت بهم الأذى والضرر كخدعة عقلية لتسكين الضمير،
وكأنك بذلك الفعل السخيف رددت المظالم، وعدلت كفة ميزان العدل، وعالجت ما أفسدته يداك !
ما لكم كيف تحكمون ؟!
يا عزيزي إن تخيلت أن جرائمك في حق خلق الله تُمحى بتأدية عباداتك بينك وبين الله فأنت واهم !
رد المظالم لعباد الله إن استطعت، ابرىء ساحة ذمتك باعتذار ممن ظلمته واطلب منه العفو،
اعمل على تغيير طباعك السيئة بتعزيز الرحمة في قلبك والتركيز على تفعيل صفاتك الحسنة بشكل أكبروأعمق .
اعلم وتيقن أن كل فعل صادر عنك مردود إليك بطريقة أو بأخرى فاشفق على حالك من جني ثمار أفعالك .
وأخيرا الحياة محطة للتعلم واختبار شتى ألوان العلوم والمعرفة للوصول لحقيقة أنفسنا ومن ثم لمعرفة الله،ويُفترض أن كل رحلتنا الأرضية بما فيها من دروس وعبر وأحداث ووقائع لتخدم ذلك الهدف الأسمى، يجدربنا أن نكف عن الالتفات لصغائر الأمور ونستغل تلك الأوقات الثمينة في تزكية أنفسنا وتربيتها .