القاهرية
العالم بين يديك

لا شيء مستحيل

163

 

بقلم : حسن محمود الشريف

لقد اهتم الإسلام بالهمة العالية ونجد أنه جاءت الآيات من كتاب الله تعالى والأحاديث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تحثُّ على شحذ الهمم، وارتياد معالي الأمور، والتسابق في الخيرات فَمِن ذلك.

أولًا: في الكتاب الكريم:

قال تعالى: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [الحديد: 31].

وقال تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران: 133].

وقال سبحانه: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾.

وقال أيضًا: ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴾.

وقال: ﴿ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ﴾.

ففي هذه الآيات وغيرها في كتاب الله عز وجل تحريض للمؤمنين كي يتنافسوا في أمور الآخرة، فيسارعوا إلى كل ما من شأنه طاعة ورضى لله عز وجل، فيستغفرون الله تعالى، ويسارعون إلى كل سبيل موصلة إلى الجنة.

إن المسلم صاحب الهمة العالية لا يرضى بالدون من الأقوال أو الأعمال، ولا يرضيه إلا معالي الأمور.

ولقد ضرب لنا السلف الصالح المثل الأعلى في التغيير انظر إلى 

الإمام الكسائي – رحمه الله-:-  

 كان راعياً للغنم حتى بلغ أربعبن (٤٠ عاماً) وفى يوم من الأيام وهو يسير رأى أمّا تحث ابنها على الذهاب إلى الحلقة لحفظ القرآن والولد لا يريد الذهاب .

فقالت لابنها : يا بني اذهب إلى الحلقة لتتعلم حتى إذا كبرت لا تكون مثل هذا الراعي !!

فقال الكسائى : 

‏أنا يضرب بى المثل في الجهل

فذهب فباع غنماته وانطلق إلى التعلم وتحصيله فأصبح :

إمامًا في اللغة

إمامًا في القراءات

ويضرب به المثل في العلم وكبر الهمة

                                                      ( الجواهر و الدرر لابن حجر) 

إنها الهمة العالية التي تحلَّى بها النبي – صلى الله عليه وسلم – وربَّى عليها الصحابة 

– رضي الله عنهم – 

والتي جعلت الإمام أحمد يقول : ” مع المحيرة إلى المقبرة ” . 

إنً الهمم العالية كنوز غالية يمتنُّ بها المنان على من يشاء من بني الإنسان، فطوبى لمن أولاه مولاه تلك الهمة العالية والعزيمة الوثابة والإرادة الماضية، فما آفة المحق إلا التردد والتذبذب، والتخاذل والفتور، والرضى بتوافه الأشياء ومٌحقرات الأمور! 

 

والمتتبع لنصوص الوحي الشريف، يرى كيف أن هذا الدين القويم يربي في قلوب أتباعه تلك الهمم لتصل بهم لعالي القمم ومعالي القيم، فإذا سألتم الله الجنة، فاسألوه الفردوس الأعلى! فهل تأملت هذا الدرس؟ وربيت به النفس؟ 

فعن أبي موسى – رضي الله عنه – قال: أتى النبي – صلى الله عليه وسلم – أعرابيٌّ فأكرمه، فقال له: «ائتنا»، فأتاه، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : “سل حاجتك”. قال: ناقة نركبها، وأعنز يحلبها أهلي، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : «أعجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل؟!» قالوا: يا رسول الله وما عجوز بني إسرائيل؟! قال: «إنَّ موسى عليه السلام لما سارَ ببني إسرائيل من مصر ضَلّوا الطريق، فقال: ما هذا؟ فقال علماؤهم: إنَّ يوسفَ عليه السلام لمّا حضره الموتُ؛ أخذ علينا موثقًا من الله، أن لا نخرجَ من مصر حتّى ننقلَ عظامَه معنا» أي بدنه، وهو من باب إطلاق الجزء ويراد به الكل، فالأنبياء لا تأكل الأرض أجسادهم كما صح بذلك الخبر عن خير البشر « قال: فمن يعلمُ موضع قبره؟ قال: عجوز من بني إسرائيل، فبعث إليها، فقال: دلَّيني على قبر يوسفَ، قالت: حتى تعطيني حُكمي. قال: وما حكمكِ؟ قالت: أكونُ معك في الجنة، فكره أن يعطيها ذلك، فأوحى اللهُ إليه أن أعطها حكمَها، فانطلقت بهم إلى بحيرة موضع مستنقعِ ما، فقالت: أنضبوا هذا الماء، فأنضبوه، فقالت: احتفروا، فاحتفروا، فاستخرجوا عظامَ يوسف، فلما أقلّوه إلى الأرض فإذا الطريقُ مثل ضوء النهار» (السلسة الصحيحة للألباني [313] وصحيح موارد الظمآن [2/452] [2064]). 

أرأيت الفرق الواسع والبون الشاسع بين من يريد أعنزًا يحلبها وناقة يركبها، وبين من تريد مرافقة الرسول في الجنة؟! 

إنها الهمة العالية، فقط! 

فإلى متى يرضى الكثير منا بضعف الهمة، وفتور العزيمة، ويرضى من الغياب بالإياب، ومن الغنيمة بالسلامة؟!

متى نرى في الأمة المسلمة الجم الغفير والعدد الكثير الذين يحملون الهم لضخامة الهمم؟!

وصدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذي يقول: «إنما الناس كإبل مائة، لا تكاد تجد فيها راحلة» (صحيح البخاري، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما).

 

وأخيرًا: ، ما هي أمانيك؟ وأحلامك؟ وطموحاتك؟ إلى أين تريد الوصول؟ هل همتك في الثرى أم أنها محلقة في السماء كالثريا؟ هل تقنع من المعالي باليسير؟ هل ترضى بالدون؟ 

فالحقيقة الدقيقة هي: أن تكون أو لا تكون!!

وهذا شهر رمضان على الأبواب

ماذا أنت فاعل فيه ،هل سنصوم صيام كل عام أم نكون مختلفين هذا العام ؟ 

حتى نكون فى نهايه الشهر من عتقاء الرحمن فمن أُعتقَت رقبته من النار فاز ورب الكعبة لأنه أخد صك أمان بأنه لن يلج النار نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا ومن نحب من عتقاء الرحمن فى شهر القرآن ؛ اللهم أمين . 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

قد يعجبك ايضا
تعليقات