القاهرية
العالم بين يديك

عاصفة في الجنة

132

سهام سمير

حين تواري الحروب سوءات المحاربين

بينما أقرأ في أسباب واهية قامت بسببها حروب، أستدعي اللا أسباب التي أدت لحرب دائرة اليوم يين روسيا وأوكرانيا.
عادة ما يتسائل البعض:
ما فائدة القراء والحروب تدور رحاها؟
وإجابتي التي لا تُلزم غيري؛ اني بالقراء أفهم ما يدور.
تتناول وسائل الإعلام الأخبار الحصرية لكنها أبدا لا تأني على ذكر ما يحدث في الكواليس ومعاناة الشعب اليومية للحصول على أبسط مقومات حياته.
عايش زفايفج حروب ومعارك دامية، فجعل منها حبرا لقلمه وصاغ في كتبه مصائر حيكت على أرض الواقع.
حين انتهيت من روايته ماري أنطوانيت أشفقت عليها رغم أنه لم يرد ذلك، وحين انتهيت من روايته عاصفة في الجنة عرفت أن الإعاقة في أذهاننا قابعة تقيد أكثرنا سلامة وعافية وتعيق حركته، في الوقت الذي يصفو ذهن من يبدو في ظاهرهم الثورات والعواصف تربد.
تحكي الرواية عن الضابط هوفيلمر الذي واتته فرصة ذهبية ليلتحق بالجيش ويتميز عن بقية طبقته الاجتماعية بالمنصب والمرتب والوجاهة الاحتماعية.
تبدأ الرواية باعترافه بخطأ يستحق عليه العقوبة التي يطبقها على نفسه!
فمنذ اختفى كل من شاهد جريمته لم يتبق غير ضميره يحاكمه!
يذكرني هوفيلمر بالقادة الذين يعزلون أنفسهم أو ينتحرون رغبة في التخلص من عار الهزيمة.
وهزيمة الضابط لم تكن في الحرب بل في الإنسانية تظل الخسارة أفدح.
يُناقش في سياق الاحداث فكرة هامة وسؤال يتعلق بأداء الواجب وفعل الإيثار حين لا بكون لزامًا عليك التضحية لكن إن فعلت، أنقذت حياة أخرين.
يتململ بطل الرواية من طلب المحيطين له بإنقاذ فتاة صغيرة تعاني من الشلل بأن يعطيها الأمل في العلاج والشفاء، لكنه يرى أنه يكذب آن أعطاها أمالا واهية!
يعرض كذلك الكاتب لجوهر المهن والرسالات، فالطبيب على سبيل المثال في الرواية، يحيا حياة الزاهدين متخلصا من كل زخرف للحياة، مضحيا بهناءته وسعادته في سبيل مرضاه، بالكاد ينام وياكل ويرتاح ليواصل التضحية بنفسه!
أما في المقابل فحياة الجندية التي تفرض أصولها وجوب التضحية من أجل الوطن، يتمتع المنتمين لتلك المؤسسة بمزايا مادية جيدة، مكانا ومكانة!
أكثر ما وقفت عنده في الرواية، أن البطل الضابط القادر على تطويع جواد متمرد وجعله طوع أوامره، لم يستطع أن يُمثل دور المحب لبعض الوقت!
حين طلب منه الطبيب المعالج للفتاة أن يمثل هذا الدور لأسبوع واحد فقط، فشل في الأداء بعد أيام ليُكتشف أمره ووهم العلاج والأمل الكاذب وتنتهي الرواية نهاية مأساوية.
بعض العطف والرحمة يهبان الأمل، لكن إن شابهما الشفقة قُوض الأمل من جذوره.
أجد في كتابات زفايفج نظرة فلسفية وإسقاطات عدة وأعرف أنه لا يقصد ظاهر الكلمات فحسب بل يمتد ما يقصده لأعماق بعيدة.

رواية تستحق القراءة والتأمل فيما تخفيه الحروب عنا.

قد يعجبك ايضا
تعليقات