القاهرية
العالم بين يديك

الهدية

149

كتبت – باسنت مدحت
كنت دوما أحتفل بعيد الأم كعادتنا، كنا نحضر لهذا اليوم ونبقى نفكر في الهدايا. حين كنت في العاشرة من عمري أو الثامنة كنت أشتري ساعة يد وكما يقولون (فالصو وبتصدي بسرعة)، وأحيانا بل كل عام كنت أحضر علبة من القطيفة بها آيات قرآنية أو عروسة نحيلة متسخة القدمين تلف حول نفسها أو عطر ما رائحته فاسدة أو وردة حمراء ذات غصن من الشوك ملفوف حولها كيس بلاستيك، كنت أرى كل هذه الأشياء جميلة وستسعد أمي.
في سنة من السنوات حين بلغت الخامسة عشر -أنا لا أذكر بالتحديد عمري لكني أذكر بعض الذكريات- اشتريت مرة أخرى علبة القطيفة لكن بها صفحة تلمع بشدة، ثم وبخت فيني بشدة، فكم احتفظت بالعديد منها في النيش لسنوات حتى سئمت منها.
كلما أتذكر ما فعلته أضحك، وتسخر مني أمي وأخوات أمي جميعهن. ثم اكتشفت بأن الصغار يفعلون مثل ما أفعله بل يحضرون بروازا صغيرا أو فازة ورد بلاستيكية وأحيانا بروش لامع ذاك الذي يمزق الملابس.
في الحقيقة أنا سعيدة بأنني شهدت تلك اللحظات وعشتها ومازالت راسخة في ذكراي.
أما الآن، أنا في الثلاثين من عمري وما زالت تحيرني هدايا كل عام، بل نعيد تكرار نفس الهدية مثل الحقيبة أو العباءة للسهرات أو للمنزل أو تحفة وإلخ.. حتى صارت عادة كل عام وواجب لابد من فعله، حتى صار عبء نحمله حين ننسى بأننا لم نوفر المال لهذا اليوم، فهل سيصبح هذا اليوم كارثي، أم قد نشعر بالإحراج حين نقابل أمهاتنا!.
ولما أصبحت أم، ظللت أفكر ما الذي أريده في هذا اليوم بالتحديد، هل سأخبر ولدي بأن سعادته هي هديتي، أم سأطالبه ببعض الهدايا، أم سأخبره ما الذي أريده!، وهل قد يفهم شعوري، لكن أحيانا ستمر على بعض اللحظات العصيبة وقد أريد بشدة أي شيء يطبطب على قلبي ولكنه يختلف حسب اليوم الذي أعيشه.
أنا لا أفكر سوى بأن كل أم لا بد أن تخبر ولدها بما تريده، بما يسعدها، وأن يلبي صغارها أحلامها الصغيرة لأنها لن تطالب بالأشياء الغالية والتي قد تكون صعبة المنال، لكن أبسط حقوقها في هذا اليوم هي أن تصبح (سعيدة)
أنا أرى أن أعظم الهدايا هي صنع ذكرى جميلة كما أرادت.

قد يعجبك ايضا
تعليقات