القاهرية
العالم بين يديك

مذكرات مريض نفسي”سجين فكرة “

149

بقلم/ سالي جابر
هكذا أوجدتني الحياة داخل ذلك الغلاف الزجاجي، خارجه حياة بائسة، مكفهرة، شمسها تذيب جليد الأفق المنحدر في دياجين الروح، باطنه في عذابٍ وويل لا تمحيه قطرات الحب أو الترجي، تبدو مطاطية تدور معك في حركتها أينما كنت؛ خارجها أو داخلها سواء، ليس لها غلافٌ جوي فإنك أينما تخطو تطير مع سحابها، تُروعك تلك الفكرة ومع شهيق وزفير ونحيب يعلو صوتها فوق صوت أنفاس الجميع، تريد أن تنفثها من رئتيك كدخان سجائرك؛ لكنك تصرخ دون صوت لا أحد يسمعك، تدب قدميك، يرتفع نحيبك، لكن لا صوت، لا أمل، الكلمات متعثرة بينما الفكرة تائهة تسبح في علم الكلمات، وتنتج أفكارًا أخرى صغيرة تتلون بلون السحابة السوداء الذي فعلها الغلاف الجوي وأخرقتها طبيعة المحرقين، ثم فجأة تتلون بلون السِتار الخلفي الممزوج بالأنين، وتختفي كأخطبوط وجد نفسه في خطر، فأخرج حبره ليختفي، كحرباء أوقفها التأمل وكادت أن تُلتهم، كأفعى، وأنت وسط الصحراء الشيء الوحيد الذي ينجيك عبور تلك البحيرة الضحلة، فوجدت صخور أخافتك تفكر أن تقفز عليها فتكون تماسيح متخفية، الكل متخفى، مستتر وأنت فقط تفضحك فكرة، ويميتك الخوف، ويرهبك الأنين، استيقظت من حلمك- كابوسك- المستمر الذي يُخرج الشجن من أنحاء غرفتك، تريد النواح، وكلمات محبوسة في جوفك، فتقرر الصمت وأن تُكمل مسيرتك التي تختفي مع اكتمال القمر، فترتقب السماء بمناظير مختلفة، ومرآة تارة محدبة، وتارة مقعرة، وأخيرًا أردت أن تجمع كل أفكارك وتحرقها بعدسة مجمعة للشمس، وتمضي هكذا تتأمل شمس الظهيرة التي اختفت، وتسأل نفسك هل هو حظ أم قدر أم غباء؟
ماذا لو تطلب المساعدة، هل تخشى أن يظهر ضعفك؟
أردد هذا السؤال على عقلي كل يوم؛ احمرار عيناي وانتفاخهما، وظهور هالاتهما السوداء تزداد يومًا بعد يوم، لكني لا أفهم ماذا أفعل، ولماذا أحكي، لا يمكن أن يسمي أحد ذلك إلا جنونًا، ومع مرور الوقت وأنا على تلك الحالة قررت اللجوء لمن يعاني مثلي، تلك الكثير من الصفحات على الشبكة العنكبوتية، تتحدث عن الدعم وأنك لست وحيدًا، إنها للمساعدة حتى لا تشعر أنك وحيد، وعندما دخلت على الصفحة قرأت هذا من شخص لا يُعلن حتى عن اسمه، فعلمت أن الكل خائف، يخشى ضعفه أمام الجميع، هو فقط يريد حلولًا لآلامه، ومعاناته، دون أن يعايره أحدًا بخوفه…وكان حديثه أنينًا له شفاه وأعين دامعة….

قد يعجبك ايضا
تعليقات