القاهرية
العالم بين يديك

الحالة النفسية للكاتب

281

بقلم/ سالي جابر
في الكثير من الأحيان تتوقف عند كلمة كاتب في روايته، وربما نستشعر معناها في رواية أخرى في الصفحة بعد المائة، نفهم لماذا اختار ذلك الأسم بالتحديد لروايته، نفهم مقصده من جملة علقت في أذهاننا لفترة، ربما كنا نرددها كثيرًا أو نكتبها على صفحات التواصل الاجتماعي، تتشابه كلمات الكاتب في عدة روايات، وأيضًا إحساسه وخيالاته الواحدة، وتستثيرك كلاماته وتثير دهشتك وربما نسهر مع تلك الرواية لنفك رموزها.
أحيانًا نجد إجابة لسؤال طرأ على ذهنك في رواية تقرأها، برواية أخرى لنفس الكاتب؛ ربما كان ذلك لوحدة الموضوع الذي يتحدث عنها الكاتب، أو للحالة النفسية التي بكتب فيها وعنها.
هل كان هذا الغموض دليل على عدم فهمك للنص، أم إنها حالة الكاتب النفسية؟!

يرى فرويد- مؤسس نظرية التحليل النفسي- “أن الأديب هو ابن حالته النفسية” إذ أن الكتابة بالنسبة للكاتب هي طريقة للتنفيس عن دوافعه، وعن حالته المزاجية وكل دوافعه وربما عقده، ولهذا غالبًا ما نجد أن الكتابة للعديد من الكُتاب حزينة، ينطوي بين سطورها سطور منالكآبة والحزن.

الكاتب يعيش في عالم خاص به ليستحضر الصورة الذهنية التي يكتبها، والخيال الذي يعيشه يفصله عن العالم فترة مؤقتة، وقد نجد مِن الكُتاب ما يفعلونه كي يجهزون أنفسهم للكتابة؛ فمثلا الكاتبة ” إليزابيل ألندي” كانت تحرق البخور كي تطرد أرواح وأبطال روايتها السابقة من الغرفة كلما شرعت في كتابة رواية جديدة… وغيرها من الكتاب يهيئون جو من الإبداع ليكتبون، والإبداع هو عملية خلق تتطلب الكثير من التأمل والحساسية الجمالية، وتلك الحالة التأملية تدعو إلى العزلة والتركيز، ربما للكثير من الوقت، وكي يستحضر الصورة التي يريدها وبجيب على التساؤلات التي تطرأ على ذهنه فهو قد يدخل في حالة من الهوس- لا أعني هنا الانفصال عن الواقع بالمعنى الحرفي- وتلك الحالة تجعله يعاني من العزلة والانطواء، وكلما تزايدت ربما يعاني الكاتب من الكآبة.
يأخذ الكاتب صورة عامة لما يريد كتابته من الواقع ثم يضيف عليها بعض من الصور الإبداعية الجميلة لتلك الحالة التي يمر بها أو خلفها عليه واقعه، لأن الإبداع الأدبي هو القدرة على الخلق والتعبير عما يجيش في مشاعره من تداخلات إنسانية ، فهو مجرد حالة إنسانية لمشاعر تم تفعيلها على الورق بصورة بسيطة يستطيع القاريء فهمها .
لكن لم يستطع المحللون النفسيون القدرة على تحليل الحالة النفسية للكاتب؛ وذلك لعدم موافقة الكُتاب لذلك، فقال الروائي الأمريكي” وليم فوكنر”: ” في أي شيء تهم العقد النفسية الموجودة لدي؟ إن عملية فقط هو الذي ينبغي أن يوضع في الاعتبار”
وقالت عالمة النفس سيلين سوربرينلت:” لا يعد النقد الادبي التحليلي النفسي حقلًا موحدًا، وفي المقابل تبين جميع المتغيرات أن الأدب متشابك أساسًا مع النفس، إلى حد ما على الأقل”

قد يعجبك ايضا
تعليقات