القاهرية
العالم بين يديك

التفكير المعقد قراءة للمستقبل

125

بقلم دكتورة سلوى سليمان
جميعنا ننظر إلى الأمور التي تحدث من حولنا نظرة مختلفة، تنبثق من ثقافة وهوية كل فرد منا، أيضا طريقة تفكيره والتي إن اختلفت إلا أنها تمتاز جميعها بالبساطة التي قد تولد أفكار وسلوكيات ورؤى مغلقة خاضعة لتأثير العوامل المحيطة بالفرد والتي لن تتناسب مطلقا مع المستقبل لأنها محددة الأبعاد وليست كاملة
فكل شخص لديه رؤيته الخاصة للأحداث ، متأثرا بما اكتسبه لا اراديا من مبادئ وأسلوب حياة ومستوى تعليمي، فنظرة تأمله للأحداث التي تحدث من حوله وغيرها من عوامل مباشرة أو غير مباشرة تؤثر في رؤيته من دون وعي منه في إطار المبادئ التي تربى عليها
وبالكاد إن كنت تقرر أمرا وتختار ه محتكما إلى تقديرك الذهني له، ولكن ما أن يصبح هذا الأمر في محك التطبيق حتى تظهر أشياء كثيرة غير معروفة وغير متوقعة، أشياء غير موجودة في المنطق، ولا يتنبأ بها التفكير سلفا.
ومن هنا يتجلى الفرق بين التفكير البسيط المحدود الذي يوحد كل المعرفة في رؤية واحدة ويغفل التنوع
والتفكير المعقد الذي يعد إستراتيجية تناسب العولمة
وترجع فكرة التفكير المعقد إلى الفيلسوف الفرنسي وعالم الاجتماع “إدغار موران” ولد في السبعينات .

وتشير هذه الفكرة إلى القدرة على ربط أبعاد مختلفة من الواقع ، والتي زادت مكوناتها بشكل كبير مع تقدم البشرية وتطورها ، فكلما كان الأمر أكثر تعقيدًا ، يجب أخذ المزيد من التفاصيل في الاعتبار حول المجتمع الذي نعيش فيه .
ومن هنا وفي ظل التسارع التكنولوجي يجب عدم قبول الحقائق كشيء ثابت مصدق ، فنحن دائما في حالة بحث عن خيارات وبدائل أخرى ولكن طبقا للقواعد والمناهج العلمية ، والتقنيات الجديدة، واستكشاف مدى صحة ما يُدرك .
لذا يجب أن نفهم المشكلات بشكل صحيح وننتقي مصادر المعلومات، والبيانات التي سنؤسس عليها تفكيرنا المعقد ونستعين بالخبراء للوصول إلي نتائج أو حلول صحيحة ومناسبة للفئة التي ستطبق عليهم وإلا أصبحت حت دون جدوي.
ومما لا شك فيه أن التفكير المعقد يختلف عن التفكير البسيط في أنه ينظر إلى المشكلات نظرة شمولية معقدة للوصول إلى إيجاد حلول جذرية للصراعات والمشكلات، إلا أن الكثير يعكف على استخدام الأسلوب البسيط اعتقادا منه على أنه الأذكى وأقصر الطرق للنجاح وتحقيق الأهداف.
أخيرا… هناك رؤية أكثر شمولية للأحداث تتسم بالمعرفة العلمية الواسعة، والإدراك الخلقي النابع من ثقافة الشخص وهويته التي لا تخرج عن إطار بيئته التي شب ونشأ فيها وساهمت في تشكيل تفكيره أيضا
فالحياة دائما أكثر تعقيدا من التفكير، ما أن ينخرط فرد ما في فعل كيفما كان هذا الفعل حتى يبدأ هذا الفعل في الانفلات من مقاصده، ويدخل في خضم من التفاعلات، وينتهي الأمر بأن تتحكم فيه الظروف وتحاصره وتوجهة وجهة قد تكون مخالفة لمقصده الأصلي، لذا يجب أن يكون تفكيرنا ليس بالشكل البسيط بل حتميا أن يكون معقدا ينظر إلي الأشياء والأحداث نظرة شمولية مترابطة وكأنه نسيج مجتمعي متداخل، فنحن جزء لا يتجزأ من ثقافة عالمية تنتشر بين المجتمعات بمجرد ظهورها فلا حدود تحكمها ولا إطار يحدها حتى وإن اختلفنا ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا فنحن قرية واحدة نتأثر بكل ما هو جديد ووافد إلينا من كل أنحاء العالم لأنه فعليا سوف يصل إلينا هذا الجديد لا محالة وسوف يؤثر على الأجيال القادمة، وهذا ما يحدث الان بالفعل؛ لذا اجعل تفكيرك معقدا حتى تصل إلى مدركات أكثر ثراء لمخابئ ما يحدث……

قد يعجبك ايضا
تعليقات