القاهرية
العالم بين يديك

الرسالة الحادية عشر إلى مجهول ألم الحب

151

 

بقلم/ سالي جابر

كنت أظن أنني وحدي من يشعر بحبك، وأن قلبي يذوب في تفاصيل وجهك؛ نظرة، ابتسامة، كلمة، أن الحب بكل تقاسيمه مأخوذًا  من جمال روحك، كنت أخشى أن تلمع عيناي عند الحديث معك، أن يضطرب قلبي وتزداد نبضاته عند ابتسامتك، أو تظهر صورتك في ملامحي عندما يتحدث أحد عنك، كنت أخشى أن يظهر حبك في روحي، لكنك عندما آثرت الصمت وفضلت الغياب، تغيرت ملامحي وكادت أن تضيع منك لحظة وراء أخرى، لمحت في عيونهم تساؤلًا لا أملك له إجابة ” أين هو؟” لم أقص على أحد حبي لك، امتلأ قلبي بك، لكنك دائمًا كنت سر طفولتي الجميلة مهما تسارعت بي الأيام وازداد عمري بك، اللمحة البديعة التي تتقاسمها الشمس مع القمر لإضاءة عتمة الليل، أمواج البحر التي تتخلص من غضب من يأتي ليلقي بهمومه، لم أرَ نفسي امرأة في الثلاثينات إلا في غيابك، معك أنا طفلة مدللة تحب الحياة وتعشق صمتك وكلامك، لم أعلم أنك سر حياتي ووحدتي وغرامي وأنيني، منذ غيابك وأنا أتفقد قلبي لكني لا أجده، أتلمس جوارحي فأفتقدك؛ أنت سر تلك البسمة التي لم تغب إلا بغيابك، رقصة الأمل التي منحتني الحياة إياها بوجودك، كنت أرى الكون بعينيك، والآن لا أراه ولا أشعر به.

الكبرياء أم الحب؟ سؤال كنت أتجاهله دائمًا؛ فإنني كنت أعلم أن السعادة معك ولا يمكننا أن نفترق، وعندما وصلنا لمفترق الطرق اخترت نفس طريقك لكنني بعدت في منتصفه، لكثرة الصعوبات التي تحيط بقلبك، سمعت كثيرًا أن لا “كرامة بين المحبين”، وأعتقد أن من قال هذه المقولة أنثى أحبت حتى الثمالة، وكان غياب حبيبها لها كالخمر المباح، اعتادت أن يُقطِّع الحب فؤادها، حاولت الانتحار مرارًا من أجله، وكلما فعلت أمسك هو بزمام قلبها، وكان هو من يحمل لفافتين الخيط، هو من يحمل الكر والفر، وكانت سجادة يمشي هو عليها، وكان بوصلة حياتها يوجهها أينما أرادت الذهاب، كل شيء في حياتها موجه بأمره، وأظنها كانت سعيدة بهذا.

ما أجمل البدايات في الحب! هل يمكنني أن أبتاع الحب وأبيع قلبي؟ الحب كلمةٌ معقدة سر جمالها أنها إحساس وليست مجرد كلمة من حرفين، عندما يدق القلب وتضطرب نبضاته؛ يظهر على ملامحنا ويملأ فراغات القلب، ويصير الفؤاد شامخًا والقلب معتلا فقيرًا، ويخوض حروبه بنفسه ولنفسه، هل يمكنني أن أكون في منتصف الطريق وكي أصل أمر على خيط كرامتي وأتجاوزه دون خطأ، أن تحتفظ مشاعري وتجرحني وأنزف ولهًا وأبتسم؟ أظن أن ذاك الإحساس هو الضعف وليس الحب، الحب هو أن تستقوى أمام الكون بقلب حبيبك، لا أن يكون هو سبب ضعفك، ليت لي قلبان؛ قلب يبكي من تلك المفارقة الغريبة والآخر يربت على نبضاته ألا يضعف، يشجعه على استكمال نهج قوته، يعُد عدته ويهجر غربته بين يدي القلب الذي ترك له جوارحه سالمًا مطمئنًا، دون خوف أو مذلةٍ أو أنين، أردت من قلبك أن يمنحني تباريح الحب وأن يبتاع بقلبي الجنة، جنة المحبين على الأرض، لكن بعد فترة وجيزة اشتريت بقلبي ورقة شجرة قطفتها من أحبتها وألقيت بها في العراء؛ ففقدت حياتها رويدًا رويدًا دون أن تبكي، حتى قطرات الندى لم تُحيي فيها ما تم وأده، بل كانت توخزها عندما تحول الشوق شوكًا.

أذكر نفسي دائمًا بأن الحب لا يبقى إذا فقد معناه، ولك أن تفهم معنى الحب لا برسالة أو جملة، إنما بحياة ملأتها الحياة عندما أحبت، وكسرت قوتها عندما صمدت، فخارت قواها لكن لم تستسلم لألم الحب .

عزيزي؛ لا تسألني عن ألم لم تعشه بعد، وعندما ترحل ارحل بقوتك كما اعتدت منك، لا تتحدث وتمحي آخر  لحظة جميلة يمكن لقلبي أن يتذكرها.

قد يعجبك ايضا
تعليقات