القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

قصة السلاجقة من البداية إلى النهاية

165

 

حمادة فرج

أخذ التاريخ يذكر اسم السلاجقة منذ أواخر القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي
وبدأت قوتهم تظهر على مسرح الاحداث في أوائل القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي ثم لم يلبثوا أن أسسوا دولة كبيرة في المشرق العربي الاسلامي وازدادت شوكتهم حين قيام دولة السلاجقة في أوائل القرن الخامس الهجري كان العالم الإسلامي تتنازعه الخلافة العباسية السنية في بغداد والدولة الفاطمية الشيعية في مصر والشام، والدولة الأموية في قرطبة بالأندلس إضافة إلى ذلك كان هناك عدة دويلات أخرى أهمها الدولة الغزنوية في بلاد ما وراء النهر والهند وكانت معظم هذه الدول تمر باضطرابات داخلية وخارجية أدت إلى تقلبات في الأوضاع السياسية مما هيأ لدولة السلاجقة الظهور أصل السلاجقة
شهد التاريخ حركة خروج القبائل التركية من مواطنها الأصلية في أواسط آسيا واندفاعها إلى غربي آسيا وشرقي أوروبا ووسطها وهي حركة امتدت من القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي إلى القرن الحادي عشر الهجري السابع عشر الميلادي وينحدر السلاجقة من هذه القبائل التركية وينتسبون إلى جدهم سلجوق بن دقاق الذي أسلم هو وجميع من تبعه من رجال قبيلته وكانت منازلهم في بلاد كشغر الواقعة في غرب بلاد الصين فنزحوا منها في عام 375هـ- 985م بسبب الظروف الاقتصادية السيئة أو بسبب الحروب التي كانت تدور بين القبائل المختلفة عادة وقصدوا إقليم خراسان التابع للدولة الغزنوية وصاروا تحت تبعية الغزنويين
بعد وفاة سلجوق تبوأ زعامة السلاجقة من بعده ابن الأكبر إسرائيل وأصبح للسلاجقة قوة عسكرية يُخشى بأسها فأدرك السلطان محمود الغزنوي مالهم من قوة وبأس وشعر بمدى الخطر الذي يمكن أن يشكلوه على دولته فقرر القضاء عليهم ومن ثم قام بأسر زعيمهم إسرائيل
خلف ميكائيل بن سلجوق أخاه إسرائيل في زعامة السلاجقة وأدرك قوة السلطان محمود الغزنوي فهادنه وطلب وده وأخذ يجمع شتات قومه ويتحين الفرصة للانقضاض على أراضي الدولة الغزنوية ولكنه قتل في إحدى غزواته فتولى من بعده ابنه طغرل بك وجد طغرل بك تأييدًا كبيرًا ومناصرة عظيمة من شعبه فأعد جيشًا قويًا ووضع نصب عينيه هدفًا هو إقامة دولة للسلاجقة سرعان ما استغل فرصة وفاة محمود الغزنوي وتراجع قوة الغزنويين بعده بسبب التنافس على السلطة فدخل معهم في معارك وحروب وسيطر على المناطق المجاورة له وزاد نفوذه وقوته حتى استقل بإقليم خراسان التابع للدولة الغزنوية في عام 429هـ – 1037م وجلس على العرش وأعلن قيام دولة السلاجقة ثم أرسل رسالة إلى الخليفة العباسي في ذلك الوقت القائم بأمر الله يطلب منه الاعتراف بدولته الجديدة.
اعترف الخليفة العباسي بقيام دولة السلاجقة في عام 432هـ – 1040م فاكتسب السلاجقة بذلك صفة شرعية واستطاعوا توسيع حدود مملكتهم بسرعة هائلة وأخذوا في التوسع على حساب القوى الإسلامية المحيطة وكذلك على حساب الدولة البيزنطية التي كانت حينذاك قد دخلت في طور من أطوار ضعفها وبذلك شملت دولة السلاجقة مساحات واسعة من فارس وشمال العراق وأرمينية وآسيا الصغرى
ثم حدث تطور خطير في سنة 447هـ – 1055م حيث استنجد الخليفة العباسي القائم بأمر الله بالزعيم السلجوقي طغرل بك لينجده من سيطرة بني بويه على مقاليد الخلافة وبالفعل استطاع طغرل بك أن يسقط الدولة البويهية ودخل بغداد في سنة 447هـ واستقبله الخليفة العباسي وأمر بأن ينقش اسمه على العملة وأن يذكر اسمه في الخطبة في مساجد بغداد وغيرها
وتوطيدًا للروابط بين الخليفة العباسي وبين الدولة السلجوقية تزوج الخليفة العباسي من أبنة الأخ الأكبر لطغرل بك وتزوج طغرل بك من أبنة الخليفة العباسي مما زاد من شأن السلاجقة حتى أنهم حلوا محل البويهيين ليبدأ عهد السيطرة السلجوقية على الخلافة العباسية ولا شكَّ أن هذا أعطى مكانه كبيرة لطغرل بك في العالم الإسلامي مما أدى إلى توحيد أجزاء كبيرة من العالم الإسلامي تحت سيطرته خاصةً فارس والعراق وأجزاء من الشام وآسيا الصغرى ثم لم يلبث أن توفي في سنة 455هـ – 1063م ليخلفه ابن أخيه ألب أرسلان عهد السلطان ألب أرسلان
كان السلطان ألب أرسلان كعمه طغرل بك قائدًا ماهرًا كما وغيَّر كثيرًا من سياسة دولة السلاجقة في آسيا الصغرى واستطاع أن يوسع حدود دولته وأن يسجل انتصارات رائعة ضد أعدائه في الداخل والخارج ومن أهم هذه الانتصارات أنه نجح في أن يهزم الدولة البيزنطية هزيمة ساحقة في معركة ملاذكرد الشهيرة في عام سنة 463هـ -1071م عهد السلطان ملكشاه
بعد وفاة السلطان ألب أرسلان خلفه في الحكم ابنه السلطان ملكشاه الذي حكم من سنة 465هـ- 1072م إلى سنة 485هـ – 1092م وكان أحسن الملوك سيرة وقد اتسعت الدولة السلجوقية في عهده لتبلغ أقصى امتداد لها حيث وصلت من الصين شرقًا إلى بحر مرمرة غربًا وذلك بمساعدة الوزير الفذ نظام الملك الذي يرجع إليه الفضل الأكبر فيما وصلت إليه الدولة السلجوقية من اتساع ونفوذ وقوة في عهد السلطان ألب أرسلان وعهد ابنه ملكشاه وذلك بفضل سياسته الحكيمة نهاية السلاجقة
على الرغم من الاتساع الضخم والقوة العظيمة التي وصلت إليها الدولة السلجوقية في عهد السلطان ملكشاه إلا أنها بموته في عام 485هـ – 1092م انفرط عقدها وتمزقت وحدتها وقوتها وانتهى عصر القوة والمجد، وبدأت مرحلة الضعف وذلك بسبب النزاعات والصراعات التي نشبت بين أبناء البيت السلجوقي حيث ثارت بينهم الحروب الداخلية مما انعكس سلبًا على الدولة السلجوقية
على ضوء تلك الخلافات انقسمت دولة السلاجقة إلى عدة دول وإمارات صغيرة
أولًا: دولة السلاجقة الكبرى، واشتهر منه ألب أرسلان وملكشاه وبركيا روق، وظلت تحكم أقاليم واسعة أهمها العراق وإيران وكانت لها السيطرة المباشرة على الخلافة العباسية
ثانيًا: سلاجقة كرمان جنوب إيران ومنطقة باكستان
وهم عشيرة قاروت بك بن داود بن ميكائيل بن سلجوق وهو أخو القائد الكبير ألب أرسلان.
ثالثًا: سلاجقة عراق العجم وكردستان في شمال العراق
رابعًا: سلاجقة الشام مؤسسها تتش بن ألب أرسلان وهؤلاء انقسموا على أنفسهم عدة انقسامات وفتَّتوا الشام إلى عدة إمارات
خامسًا: سلاجقة الروم بآسيا الصغرى ومؤسسها سليمان بن قتلمش في عام 470هـ – 1077م وهم بيت قتلمش بن إسرائيل بن سلجوق وانتهت أيضًا على أيدي المغول الإيلخانيين في عام 704ه – 1304م


وعلى الرغم من عجز الدولة السلجوقية عن توحيد بلاد الشام ومصر والعراق تحت راية الخلافة العباسية في ذلك الوقت وعلى الرغم من أن الانقسام الداخلي بين السلاجقة أنفسهم بعد وفاة السلطان ملكشاه والذي وصل الى حد المواجهة العسكرية فيما بينهم وهو ما أنهك قوتهم حتى انهارت سلطنتهم إلا أنهم كانت لهم أعمال جليلة وانتصارات ضد البيزنطيين وضد الصليبيين ما زالت في ذاكرة التاريخ

قد يعجبك ايضا
تعليقات