القاهرية
العالم بين يديك

الوعي بالذات يمنحك حياة أفضل

197

بقلم/ دكتور سلوى سليمان

مما لا شك فيه انك لا يمكن أن تكون ناجحا في الحياة دون امتلاك الوعي الذاتي أو اليقظة الذهنية لأنه أساس الشخصية القوية التي تركز على الأهداف كي تحققها بنجاح, وهذا ما يفسر نجاح البعض وإخفاق البعض الآخر، فاليقظة الذهنية تجعلك أقدرعلى فهم من أنت، ويسمح لك بفهم أفضل لما تحتاجه من الآخرين كي تكمل النواقص والعيوب الموجودة في شخصيتك، فهو GPS الذي يحدد لك أي الطرق تتجه.
فبدون تحديد أين أنت لن تستطيع أن تذهب إلى أي مكان، فلابد أن تحدد موقعك كي تحدد الطريق الذي سوف تسلكه، وعليه فإن الوعي الذاتي هو القدرة على توليد المعلومات الكافية عن النفس والشخصية بموضوعية،للمساعدة على اتخاذ قرارات مهمة، أو مواجهة مواقف مختلفة.

وكلما زادت معلوماتك عن نفسك، زاد فهمك لها، ومن ثَمَّ تحقيقك لأهدافك وأحلامك، وكلما زاد فهمك لمشاعرك؛ فإنك تستطيع التحكم بنفسك، وقيادتها إلى كل نجاح في كل منحى.
فكم منا ستتغير حياته للأفضل عند إدراك الوعي الذاتي لنفسه!،وكيف ترفع مستوى الوعي الذاتي لديك؟ وكي نجيب على هذا التساؤل لابد أن تعي تماما الفرق بين الوعي والوعي الذاتي، فالوعي يحدث عندما تصبح مراقب لأفكارك، ومدرك لها فأنت تفكر دائما ولكن توجد أوقات لا تدرك فيها انك تفكر، فتدور الأفكار في رأسك بعشوائية إلى أن يحدث الوعي بفكرة ما وتراها جيدا، وتبدأ بالتصرف على أساسها مثل أن تنسى موعد أو لقاء وفجأة تتذكره – هذا هو الوعي،
أما الوعي الذاتي فهو القدرة على معرفة نفسك بما يتجاوز الأفكار، والمعلومات الأداءات والمهارات والمعتقدات الخاصة بك والموقف الذي توجد به، فهو مستوى عاطفي و داخلي أعمق.. فمثلا أن تدرك شعورك بالحزن يعد وعيا،أما تحليلك لسبب هذا الحزن، وما هي دوافعه وأسبابه، بمعنى أن تعرف نفسك ومشاعرك وقيمك، فيعد وعي ذاتي.

ويشكل إدراك الذات مشكلة عند كثير من الناس حيث يترتب على عدم الوعي مشاكل أكثر ونجدهم في هذا الصدد يصنفون إلى ثلاثة مستويات من حيث الإدراك الذاتي، منهم ذوي الإدراك الذاتي الضعيف ويعانون من الصراع الذاتي من نكون، ما هي رسالتنا في الحياة، ماذا لابد أن نعلم، ماذا يجب أن نعمل نجدهم يشعرون بالتشتت لا يعرفون التعامل مع الناس أو تحقيق أهدافهم.
ومنهم من لديه وعي ذاتي ضعيف أو متدني فنجدهم يرتدون أربعة أنواع من الأقنعة وهي :اللطيف يرتدونه كي يهتم بهم الآخرين أو يثبتون شخصيتهم، وقناع المسكين ويتمسكنون مع الناس ويعيشون دور الضحايا أما قناع العنيف فيتصرفون بعصبية وعنف ويحاولون أن يثبتوا أنفسهم برفع أصواتهم لأن إدارة الذات عندهم ضعيفه، وأخيرا المتباهون الذين يتباهون بأشياء كثيرة ليعوضوا النقص الذي يشعرون به.
وقد يكون الوعي الذاتي بالنسبة للبعض فهم الأفكار والمشاعر ويعنى التواصل مع المعتقدات والقيم الأعمق ثم العيش حياة تتوافق مع تلك القيم، أما بالنسبة للأشخاص الذين يركزون أكثر على التطور المهني فإن الوعي الذاتي هو فهم نقاط القوة والضعف وأنماط الشخصية وأنماط القيادة إلا أن الوعي الذاتي في علم النفس ينطوي على مراقبة عوالمنا الداخلية، وأفكارنا وعواطفنا ومعتقداتنا التي تؤثر على تنمية الشخصية،ومن هنا يمكنك من خلال الوعي الذاتي أن تعرف نفسك ومشاعرك وقيمك.

فلما لا يكون لديك الإرادة الكافية لإدارة ذاتك واستثمار مشاعرك، وأفكارك وقدراتك وإمكانياتك والاستفادة القصوى من وقتك لتحقيق أهدافك بتحسين حالتك الوجدانية لتحقيق النجاح في الحياة بشكل عام.

لماذا تخلق الأعذار، لماذا تعطي أجوبة سلبية وتحاول أن تقنع نفسك بها، إلى متى هذا الضعف؟ من الآن يجب أن تكون وأن تطمح إلى الأفضل، يجب أن تحول هذا الضعف إلى قوة حتى تكسر هذا العائق، أسرع وامتطي قطار الإدراك؛ لتبدأ رحلة التغيير فهي أكبر تحدي ممكن أن تواجه في حياتك إلا أنك بإرادتك وتركيزك على أفكارك الإيجابية، وبشئ من التنظيم ستتغير، ولكن لابد من الالتزام باستمرار حتى يصبح التغيير عادة دائمة، وتذكر دائما مقولة الحكيم الصيني زينو :التفكير السلبي يمنع الإنسان من رؤية الطرق المضيئة، ويجعله يسلك الطرق المظلمة التي لا يجد في نهايتها مخرجا.، فأسلوب تفكيرك هو الذي يقودك إما إلى آفاق رحبة أو دروب مغلقة..
و مقولة نابليون هيل :إذا لم تستطيع القيام بعظيم الأعمال، فاعمل الصغير منها بشكل عظيم ”
أخيرا… من الأحرى بك أن تكون مواكبا لعصر هدفه الأكبر التنمية المستدامة فاستقي فوائد الحصول على درجة عالية من الوعي الذاتي في كل حياتك،حيث أن تحسين وعيك الذاتي يجعلك شخصا استباقيا، ويزيد من قدرتك على قبول الآخرين وآرائهم، ويساعد على تطوير الذات الإيجابية لديك ويتيح لك أن ترى الأمور من وجهة نظر الآخرين، وأن تتحلى بالسيطرة على الذات، كما يساعدك على العمل بإبداعية، ويزيد من شعورك بالفخر تجاه نفسك وعملك ويؤدي إلى تحسين قدرتك على اتخاذ القرار ويحسن من التواصل بينك وبين زملائك في العمل، وايضا يقلل من ضغوطات العمل من خلال التعرف على مثيرات الحالة النفسية والغضب لديك ويجعلك أقدر على فهم تأثيرات مشاعرك على الآخرين وهذه فائدة عامة للأشخاص الذين يحيطون بك في العمل حتى لا تسئ التصرف معهم، فضلا عن زيادة شعورك بالثقة بالنفس حيال قدراتك، وذلك من خلال معرفة نقاط قوتك وموهبتك، فمن الآن ابدأ في تنمية وعيك الذاتي كأعظم مهارة حياتية يجب التمكن منها .

 

قد يعجبك ايضا
تعليقات