القاهرية
العالم بين يديك

اللغز وراء السطور- الجزء الأول

107

بقلم/ مودَّة ناصر

أحاديثٌ من مطبخ الكتابة، هكذا أخذنا العراب د. أحمد خالد توفيق  -رحمه الله- إلى هذا المطبخ الفريد، مطبخ الكتابة المملوء بالعديد من المقالات الشهية، لا أقول ليعلمنا كيف نطهو؛ لأن الطهي يُشبه الكتابة أيضًا، عملٌ إبداعيّ وكما لكل إنسانٍ نفسَهُ الذي يظهرُ جليًا في مذاق الطعام، لكلِ كاتبٍ روحه التي تُشبه ونستشعرها جليةً وسط الكلام.

سنناقش في هذه السلسة كل مقالٍ أخرجه العراب داخل صومعة الكتابة، نتذوقُ ما كتب، ونستسيغه ليؤتي ثماره.

وكانت البداية في مقدمته تُثير داخلك تساؤلاتٍ لتنطلق باحثًا عنها، أو كأن تجد سؤالًا يدور داخلك فتتبعه باحثًا عن جواب.
“كيف أكون كاتبًا؟”
“الحقيقة أنك إما تولد كاتبًا أو لا تولد” وكأن الأمر أشبه أن تكون نبيَّا، كاصطفاءٍ تقدمه لك الحياة بشكلٍ لا تفهمه، حتى يأتيك الوحي وتحمل رسالة القلم، ومن تلك الوسائل؛ البيئة، القراءة المبكرة والعقد النفسية، الضغوط التي تجعل الكتابة علاجًا ومخرجًا، أن تجلس في غارك متأملاً الحزن والجمال والحياة وتستدعي الوحي فيأتيك.

ثرثرةٌ من داخل المطبخ.
“العمل المدمّر”
وهنا شبه الكتاب ذورة العمل الإبداعي بالعمل المدمِّر، تلك القمة التي قد لا يمكنُ للكتابِ حين الوصول إليها أن يصعدها ثانيةً، والتي تكون هاجسًا لكثيرٍ من الكتاب حال الوصول إليها، وكأنها نار المقارنة التي تحرق كل عملٍ بأخيه المُدمِّر وبعدها لا يبتلع القاريء أي عملٍ آخر.
ورغم وجود هذا الحقيقة إلا أن العراب اختتم مقاله بحقيقةٍ واضحة وهي أن لكل كاتب عمله المدمر الذي لا يستطيع الخلاص منه وذلك شيء تَعِس بالتأكيد لكن الأتعس منه ألا يكون في حياته عمل فني مدمر واحد!

“التقمص”
هذه الموهبة يجب أن تكون متضخمة عند الأديب، أن يتقمص الشخصيات حتى أنه ليندهش عندما تدب فيها الحياة وتتفاعل مع بعضها وخير مثال هي شخصيا نجيب محفوظ في ثلاثيته.
تتفاوت هذه المهارة عند الأدباء لكنها تتناسبُ طرديًا مع حجم الأديب ووزنه.
كما أن ينبغي على الأديب حين الكتابة عن شيء أن يجمع له ما يخصه ويُثري بيئته كأسماء الشخصيات والأماكن، طبيعة المكان، وحتى خارطته. كما يمكن لكاتب أن يستثمر بيئته لخدمة النص والتعبير عنه كالجزء الشرقاوي في أدب يوسف إدريس الذي لا يمكن تقليده.
واختتم العراب مقاله باشارةٍ لهدفٍ سامٍ ورئيس يتقمص الأديب لأجله وهو؛ المحتوى الإنساني وهو الأهم والأكثر تأثيرًا، الذي يصل أفضل كلما كان الإطار مقنعًا للقاريء.

“عن روايات المفتاح”
ذلك المفتاح الذي يستخدمه الكاتب كأداةٍ هي فتحٌ لقول شيء ما برمزٍ ما، مثل رواية “مزرعة الحيوان” لجورج أورويل.
وهكذا تتأرجح رواية المفتاح بين الاستسهالِ في حالة الواقعية والاسقاط المباشر وطريقة صحف الفضائح، وبين الأعمال الأدبية شديدة الرقي.

هذا ونستكمل في جزء آخر.
يتبع.

قد يعجبك ايضا
تعليقات