القاهرية
العالم بين يديك

العَشَرة المدمرة “الشخص النمام “

144

بقلم / الشيخ أسامة إبراهيم

٢- الشخص النمام

لست في حاجة إلى أن أذكركم بالنص القرآني:
” ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم “، أو النص النبوي:” وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟!” وغيرها العشرات من النصوص الدينية في هذا الصدد، لكن دعونا نغوص في هذه الشخصية أكثر ..

الشخص النمام هو شخص كثير الكلام عن أخبار الناس وأسرارها ولا يصون العشرة والعيش والملح، لا يجلس إلا وهو يتكلم غالبا عن شخص غير موجود بالجلسة، ولا يسمع قصة أو يعيشها إلا ويرويها إلى الجميع بداعٍ أو دون داع، بل ومن أجل وضع حبكة متينة وتشويق جديد، يضيف إلى القصة الأصلية الكثير من التفاصيل الوهمية التي لم تحدث سوى في مخيلته المريضة.
معرفة الشخص النمام ستأتي بالمراقبة والتدقيق وسماع أحاديث هذا الشخص في مواقف مختلفة. راقب مثلا أهم المواضيع التي يحب أن يفتحها هذا الشخص أو ينشرها على صفحته الشخصية أو وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، راقب الصفحات المشترك فيها، صفحات الهيافة والنطاعة والحديث والاستهزاء بالناس بدعوى التسلية، فإن وجدت ذلك فتأكد من كون هذا الشخص نمام. أما إن كان الحديث بشكل عرضي فقط عن بعض الأشخاص ولا يتكرر الأمر كثيرًا، حينها تصبح غير متأكد من ظنك فيه.
ثاني أهم ما قد تلاحظه على الشخص النمام: أن أخباره عن الناس غالبًا تكون أخبار غير محببة ويتكلم عن الناس بسوء ويتكلم في أسرارهم ولا يوجد لديه خطوط حمراء في التعبير، أما المتكلم عن الآخرين بالخير فقط ويذكر محاسنهم، ويتجنب الكلام في أسرار بيتهم وحياتهم، فهو بالتأكيد غير نمام.

علاقتك بالشخص النمام هي المشكلة من البداية؛ فحين تنهيها تتخلص من أصل المشكلة ومصائبها معًا. لا تنخدع بالمظاهر أو الكلام المعسول منه لك، فقد يكون من خلف ظهرك يتكلم عنك بالسوء ويروي قصصك في أحاديث السمر..
أنا لا أشجع أن نفقد حسن ظننا بالآخرين ونهجر الكل من حولنا. إنما اختر من تقيم معهم علاقاتك الشخصية بعناية، لأنهم مرآة لك، وحتما ستشترك معهم حاضرا ومستقبلا في طباعهم وأفكارهم شئت أم أبيت.
تحضرني مقولة الرئيس الأمريكي الراحل إلينور روزفلت: “ العقول الكبيرة تتكلم عن الأفكار، والعقول العادية تتكلم عن الأحداث، أما العقول الصغيرة فتتكلم عن الأشخاص”؛
فعلا، النمامون يسعدون بذكر عثرات الآخرين، الأمر قد يكون لطيفاً في البداية وأنت تدقق في هفوات حياة أحد الأشخاص الخاصة أو المهنية، لكن بمرور الزمن يصبح الأمر مُرهقاً، ويجعلك تعيساً، ويؤذي الآخرين.
يمكنك تعلم الكثير من الأشياء الإيجابية، كما يمكنك التعلم من الأشخاص المبهرين، بدلاً من أن تضيع وقتك في الحديث عن مصائب الآخرين.
الشخص النمام منتشر بشدة في المجتمعات العربية عامة وفي المجتمع المصري خاصة نتيجة الفراغ النفسي والعاطفي.
ويا للمأساة..!
حينما برع العرب في الاستخدام السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي ازداد هذا المرض اللعين… مرض من الصعب علاجه، لذلك ابتعد فورا عن هذا الشخص بأي ثمن .

قد يعجبك ايضا
تعليقات