القاهرية
العالم بين يديك

الخوف من المواجهة

199

سهام  سمير

حدث ما كنت أخشاه طوال الوقت، اضطررت لمواجهته، أجلت المواجهة أكثر من مرة، كل مرة بدعوى ما إلى أن حاصرني، وسألني مباشرة عن سبب تغييري.
في البداية أنكرت وقلت أني كما أنا، لكنه قال أكثر جملة حقيقية عني:
أعرفك جيدا فلا تمثلي الآن أنكِ لم تتغيري.
سكتت فازداد غضبه، وارتفع صوته متعمدا، يعرف أيضا أني أخشي الصوت العالي، ويوترني.
أجبت بنعم تغيرت.
لا يعنيك كيف تغيرت؟ لأنك لاحظت وانتهى الأمر أما ما يعنينى فلماذا تغيرت؟
هل شاهدت مشهد من المسلسل التي قالت فيه البطلة من بين دموع قهرتها:
أنت  عمرك سألتني مالك؟ فيكي إيه؟
هذا بالضبط ما حدث معي، كنت أرى الإعجاب في عينيك بكل ما يفعله غيري، وحين أفعله أنا يصبح العادي!
غيرني أنك تعرف قدر البشر جميعا إلا أنا، تعبر لهم عن حبك وامتنانك بل وتحكي لي عن بطولاتهم معك ومواقفهم التي لا تقدر!
وأقول في نفسي سيأتي الدور عليَّ سيتحدث يوما عني أو  معي، لكن لم يأتِ اليوم ولا أصابني الدور، بل أصابتني خيبة أمل.
تغيرت بعدما وجدت طاقتي صفر، مستنزفة ومستهلكة في مشاعر لا تخصني وأناس لا يعنونني.
حين أضحت الأيام كلها تحمل لي مفاجآت  عنك وكأننا غرباء، وأستقي أخبارك من الخارج، وأتتبع ما تشاركه مع الناس وللناس وأنا منهم.
تغيرت حين وعيت مدى استغلالك لحبي وإخلاصي في هذه العلاقة، وقبل ذلك لم يشغلنى كم ما تعطيه ولا مدى جودته.
وأما ما كان يخيفني من مواجهتك، فهو الخسارة، التي لم أعرف كيف سأتحملها؟
خفت من خسارتك، من خسارة وجودك الباهت، وردودك المقتضبة والرد على رسائلي التي كان غالبا يأتيني بعدها بأيام حين كنت أود مشاركة الحدث معك حينها.
قالت لي أمي مرة: اللي تخافي منه ميجيش أحسن منه” كنت أود أن أرد لا يا أمي بل اللي باخاف منه دايما يحصلي.
لا أخاف من صوتك العالي رغم رعبي منه فيما مضى، لكن أكثر ما يخيفني أن تحنو وأن ينخفض صوتك فأسامح وأعود.
نحن نخاف الموت لكن على استعداد لتحمل تبعات المرض وشك الحقن ومرارة الدواء طالما هناك أمل في التعافي والشفاء.
وأن تعود لتمارس عليَّ العذاب بحنانك الطاغي فهو أكثر ما أخافني، لذلك الأن لست خائفة.
أنا مستعدة لجني مكاسبي من البعد، نسيت أن أخبرك أن بعدي الآن مكسبا كبيرا.
أعرف أحدهم سيبدأ من الآن في عد خسائره وسيجهده عدها.

قد يعجبك ايضا
تعليقات