القاهرية
العالم بين يديك

هل سيحل الروبوت محل الإنسان في العمل مستقبلاً؟

153

بقلم: نادرة سمير قرني
يشهد العالم اليوم تطوراً تكنولوجياً ومعرفياً لم تشهده الكرة الأرضية من قبل عبر مختلف العصور التاريخية، وهو ما دفع دول العالم على اختلاف مستوياتها سواء أكانت متقدمة أو متأخرة إلى التسابق من أجل اللحاق بعالم رقمي جديد، تُشكل الثورة الصناعية الرابعة منبعه، وتمثل تقنياتها أهم ركائزه الأساسية؛ والتي تتنوع ما بين الذكاء الاصطناعي والروبوتات الذكية وإنترنت الأشياء والتكنولوجيا الحيوية والطباعة ثلاثية الأبعاد والحوسبة السحابية؛ والتي تتسم بمميزات عدة مما جعلها تخترق كافة مجالات الحياة، وكمثال على ذلك الروبوت (الإنسان الآلي) وهو عبارة عن آلة مكانيكية قادرة على القيام بأعمال مبرمجة سلفًا، إما بإشارة وسيطرة مباشرة من الإنسان أو بإشارة من برامج حاسوبية، وغالبًا ما تكون الأعمال التي يُبرمج الروبوت على أدائها أعمالاً شاقة أو خطيرة أو دقيقة، مثل البحث عن الألغام والتخلص من النفايات المشعة، أو أعمالاً صناعية دقيقة أو شاقة؛ وبالتالي فقد أصبحت الاستفادة من هذه التقنيات ضرورة ملحة لمواكبة التطورات الكبيرة فى مجال ثورة المعلومات والاتصالات من أجل صنع مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وقد أدى اختراع الروبوتات إلى انتشارها عالمياً واندماجها في كثير من مجالات الحياة المنزلية والعسكرية كتقنية من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وهو ما جعل الكثير من المفكرين يتوقفون عند هذه النقطة وقفة طويلة؛ ذلك لأن البعض قد يستخدم هذه الروبوتات فى شن الحروب على أطراف أخرى أو التجسس عليها، خاصة بعد أن أشار تقرير صادر عن جامعة كاليفورنيا إلى إمكانية استخدام الروبوتات في النواحي العسكرية، وأكد التقرير على أن الروبوتات العسكرية القتالية تتمتع بمستوى عالِ من الذكاء بما يتيح لها إمكانية اتخاذ القرارات بشكل مستقل وذاتي، ولكن السؤال الذي يتبادر إلى ذهني الآن هل هذه الربوتات برمجت على أساس التفرقة بين الجهتين المتناحرتين في الحروب، وهل هذه الروبوتات لديها قيم ومبادئ تجعلها تراعي الأطفال ولا تمس براءتهم، هل هذه الربوتات قادرة على التفرقة بين المحاربين وغيرهم، هل هذه الربوتات لديها حرمة كحرمات ديننا الإسلامي أما أنها آلة صناعية عديمة القيم والمبادئ.
وقد أشار أحد التقارير الأوربية إلى أن الروبوتات والذكاء الاصطناعي سوف يسهمان في اختفاء مهن يعمل بها (75) مليون فرد على مستوى العالم، وفى إيجاد (133) مليون فرصة عمل فى مهن جديدة مستحدثة بحلول عام 2022، ويستدعي اختفاء بعض المهن وظهور مهن أخرى مستحدثة زيادة الطلب على التدريب وصقل المهارات، فبحلول عام2022 سوف يحتاج (54%) من العاملين إلى إعادة تدريب بهدف اكتساب مهارات جديدة، ومن بين هؤلاء الذين سوف يحتاجون إلى إعادة تدريب، سوف يحتاج (35%) منهم إلى تدريب إضافي يصل إلى 6 شهور، و(9%) إلى تدريب إضافي لمدة تتراوح بين 6 شهور و12 شهر، و(10%) إلى تدريب إضافي لمدة تزيد عن السنة.
وكنتيجة لانتشار الروبوتات في الدول المتقدمة؛ فقد اتجهت العديد من الشركات للاعتماد على التشغيل الآلى للإنتاج، وكمثال على ذلك ما قامت به مجموعة فوكسكون تكنولوجي التايوانية: وهي من أكبر الشركات لتجميع الإلكترونيات فى العالم؛ حيث قامت هذه الشركة بخفض قوتها البشرية العاملة بنسبة (30%) عندما أدخلت الروبوتات فى عملية الإنتاج، وفي روسيا الاتحادية يعتمد بنك “سبير بنك” على الذكاء الاصطناعي فى اتخاذ (35%) من قراراته المتعلقة بالقروض، وقد حلت أجهزة الروبوت القانوني محل (3000) موظف في الإدارة القانونية للبنك، ومن المتوقع أن يحل الروبوت محل (55%) من الوظائف فى اليابان، ومحل (47%) من الوظائف فى الولايات المتحدة الأمريكية
وبالتالي سيكون ناتج ذلك عدم وجود أماكن في سوق العمل لأولئك الذين لا يملكون مهارات العمل في عصر الثورة الصناعية الرابعة، وسيحل محل هؤلاء الروبوت وسيؤدى ذلك لخروج هؤلاء إلى صفوف البطالة، وقد أشار تقرير المنتدى الاقتصادى العالمى (2016) حول مستقبل العمل إلى أن (65%) من التلاميذ الملتحقين بالتعليم الابتدائى فى الوقت الحالى سينتهي بهم الأمر للعمل فى وظائف جديدة تماماً لا توجد حتى الآن.
ولذلك إذا لم يخطط المسئولين لذلك ويعملون على وضع المناهج المناسبة لطلاب اليوم فإن هذه الأجيال ستشب دون وظائف وبالتالي سيعاني هؤلاء البطالة والفقر وانخفاض مستوى المعيشة، حتى عمال اليوم من مختلف الفئات إن لم يعملوا على تنمية ذواتهم وتسليح أنفسهم بالمهارات الرقمية، وإن لم يتمكنوا من استخدام الحاسوب والتعرف على برامجه المختلفة، وإن لم يتمكنوا من الاتصال بالإنترنت وتحميل ورفع المحتوى إليه فإنهم لن سيفقدون وظائفهم لا محالة في المستقبل، ولذلك فعلى مسئولي التربية والتعليم تسليح طلاب اليوم بعلوم المستقبل بالطرق المناسبة استعداداً لوظائف المستقبل، ذلك لأن هذه الأجيال هم من سيشكل مستقبل هذا الوطن وحاضره فمنهم سيكون الطبيب، والمهندس، والضابط، والمعلم، والمحاسب، والمحامي، وإذا لم يتسلح كل هؤلاء بمهارات المستقبل وعلومه فإنهم سيكونوا عالى على المجتمع، لأن الكثير من وظائف اليوم سوف تختفي في المستقبل.

قد يعجبك ايضا
تعليقات