القاهرية
العالم بين يديك

 زلة لسان

182
بقلم/ شروق صالح
“عم السكون أرجاء المكان، وكساه الظلام فور تبدل ملامحك الهادئة إلى تلك المشوبة غضباً وحزناً كبيرين.
لم أقصد جرحك، كل ما شعرت به حينها أنني أرغب باطلاعك عما يختلج صدري، وكعادتي خانني التعبير وأنت على دراية كافية بأنني هكذا.
أتعرف.. كنت أقصد التعبير عن مدى اشتياقي وقلقي عليك أثناء تلك الفترة التي انقطعت فيها أخبارك عني، لكن الحزن القابع في قلبي خرج على هيئة صراخ عارم يَرُجّ أرجاء الغرفة.
ترى هل تعرف كم الدموع التي آنست وحدتي في تلك الليالي الباردة التي اختفيت فيها؟
لكن كيف ستعرف ذلك وأنت لم تكلف نفسك بالسؤال عني وكأن ما بيننا كان مزحة.
إنك تلومني على بضع كلمات كانت مجرد زلة لسان ونسيت ما فعلته بي.
لن اتصل بك وأشرح ما قصدت؛ فقد اكتفيت من تصرفاتك الصبيانية هذه، وحان الوقت لشراء راحتي، فأنت من اخترت الرحيل دون أن تنطق ببنت شفه”
أنهت كتاباتها والدموع قد شارفت على النزول لكنها منعتها آخذة شهيقاً عميقاً واضعة القلم بجوار دفترها الأسود (دفتر يومياتها) ثم غادرت الغرفة.
مرت الليالي والأشهر و مازالت ترثي حالها داخل ذلك الدفتر وهو مازال هاجراً إياها ولا يتذكر سوى كلماتها ((أنت أناني ولا تحب إلا نفسك.))
لم يعلم إلى الآن أنها لم تقصد هذه الجملة بالمعنى الحرفي لها؛ فهي متأكدة من حبه لها، لكنها قصدت بأنه طالما لم يبرر اختفائه فهذه أنانية.
ظل الحال على ما هو عليه إلى أن جاء ذلك اليوم الذي انتظر مغادرتها منزلها فدلف إليه من الباب الخلفي متجه إلى دفترها الذي وجده حافل باسمه، وكيف أنها أصبحت الآن مقتنعة تماماً أنه أناني بسبب غيابه الطويل.
سالت الدموع من عينيه لإدراكه أنه قد خسرها للأبد بسبب عناده، وأنه لن يستطع مهما حاول التبرير لها وكسبها من جديد.
وقبل مغادرته المنزل كانت قد وصلت ورأته.
اتسعت عيناها، ولم تنطق بكلمة هذه المرة، كل ما فعلته أنها أشارت بيدها إلى الباب ليغادر.
حاول التحدث إليها فمنعه غروره، ليغادر كما أرادت، وهكذا خسر قلباً أحبه بصدق بسبب زلة لسان لم تكن مقصودة، ومقصود لم يصل إليه حينها.
قد تكون صورة بالأبيض والأسود لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏شجرة‏‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏
٤ تعليقات
قد يعجبك ايضا
تعليقات