بقلم _ ندى أحمد
“لقد ورطت نفسي بعلاقات كثيرة فاسدة، أوقعتني في المشاكل التي لا تنتهي، حتي فقدت ضالتي، أصبحت تائهة أشقى في طريقي، لا أعلم شيء سوى سؤالاً واحداً يطرح نفسه عليّ من وقت لآخر دون توقف.
_هل كنت ساذجة لهذه الدرجة التي جعلتهم يستخفون بيّ؟، حتي تهون مشاعري أمام أعينهم، تلك العيون التي كلما نظرت اليها استمديت قوتي منها، كنت أثق تماماً أنها لن تخذلني وتخدعني، آآآه ياالله، كم قلبي متعب حقاً من عبادك، أصبحوا كالأفاعي التي تلدغ فريستها لتشل حركتها ثم تقوم بأبتلاعها، للأسف تركتهم ورحلت؛ لكن ظلت الخدوش، والشروخ التي تسببوا بها، كل يوم يمضي يبني في أعماق روحي شرخاً جديداً، شقاً لا يداوي، أصبحت لا أؤنس بالاجتماعات، أو التعارف على أشخاص جديدة، أخشي أن أفتح قلبي لأحد وأحكي فيأخذ حديثي ضدي، لم يبقي بداخلي بقعة واحدة صامدة متماسكة، قوية، وإن وجدت فإنها تساندني، وتعيني على هذا الوقت الذي يمر كسكين باردة إحدي أطرافها الحادة لتضع ع عنقي، وأخذت تتناول تلك الالة بذبحني إياباً ذات اليمن، وذهاباً ذات اليسار، حبست أنفاسي بالحلقوم وكادت تخنقني، الليل لم يعد يمر مرور الكرام، رأسي لم تعد توضع على الوسادة لتغفو ولو للحظة واحدة، لحظة واحدة أريد أغُط للنوم بها دون عناء، دون شقاء، دون هزيمة أمام التفكير، أعصابي أصبحت تعاديني، شدّدت عليّ أحبالها باحكام لتقاوم المعانات إلا أن كافة المحاولات آتت منهزمه؛ لكنها ظلت تقاوم حتى انهزمت للمرة الثانية، وهكذا أصبحت أيامي ،ليالي لا تخلو من الصراعات، كم يجرحني هذا، أتعب طيلة النهار هرباً من ذلك الوحش الذي يسمي “بالذكريات” لأجد ذاتي متواجدة معه ف غرفة من أربع جدران؛ كأنه سجناً من قضبان حديدية، وجهاً لوجه نقف أمام بعضنا البعض نصارع بعضنا، وكأننا بحلبة المصارعة تارة أوشك ع الغرق ف الهزيمة، وتارة أنا، لتنتهي المرحلة الاخيرة بانهزامي، ليلتهم كل يوم جزء من جسدي، يهشم بروحي، كل ليلة أفقد جزءاً مهماً ليصبح حطاماً، ثم لتتغير شخصيتي لشخصاً إنطوائي، أندثر من عيون العالم ونظراتهم، ثم أعاني من ظلام قاتم، من ضباب يسكن سمائي، لابد من بعد الفجر أن تأتي السماء مصاحبة لنور الشمس، لابد من بعد هذه الصعاب تأتي الحلول والفرج، أن رب السماء ما بغافل عن عبده، نعم سأتركهم يحكون كما يشائون عني، أقسمت في سجودى أنني لن اتألم، سأصلي لهذا اليوم؛ الذي سيأتي بحقي ويجر بذيله خيبة الكاذبين، المنافقون، سيدور الزمن بظروفه بعصوره، بصعابه، برخائه، بكل شيء لنتواجه بهم ونحن وأقفون شامخيين كالجبال، وهم وأقفون مطأطئين رؤوسهم للأسفل كالخنازير التي تخشي أن ترفع رأسها لتري كم السماء صافية بلونها الأزرق، بعتذر عن تمثيلي لهم بهذا الأسلوب، فلم أجد تعبيراً يمثلهم غير هذا المثال، فإن شبهتهم بالكلاب، فعفواً لتلك الحيوانات الأليفة المخلصة، يجب عليّ أن أرسل لهم جيشاً من هذا القطيع ليعلمهم ماذا يعني الوفاء، الإخلاص؟
أنا لم أضع أحداً في مكاناً لم يختاره هو بنفسه؛ فأنني لا أوجه لا أحد شيئاً بعينه إلا إذا أشار عليه واختاره، أؤمن بعدالة رب السماء، وأن لحسابنا يوماً لابد من أنه آتي بلا محال، تخلصي إيتها النفس من شحوبك، من غيومك، تحرري من آلالام، احصلي على الحرية واركضي في الأرض الواسعة، ولا تتلفتي خلفك، فلا يوجد خلف ظهرك سوي العواقب، المحن، السقوط في الهاوية، السكن في قلوبِ خاوية من المشاعر، مجردة من الإنسانية، تريد الفوز والتبرير، وتجد الحجج، وقلب الطأولات، وتمثيل الضحية، نعم؛ هم يريدون فقط أرضاء أنفسهم، لإقناع ضمائرهم بإنهم ليسوا مخطئين، جبناء أمام المواجهة بمرآتهم، أجل؛ هم مرضى نفسيين، لا أنكر هذا، انهم مصابون بفوبيا نحن لسنا ظالمين، نحن على حق مهما بدر منا، أنه مرض لعين لا يتوقف عن صاحبه حتى يقضي عليه ويفقده كل شيء كالقمار تماماً، على كلٍ لم أتذمر منهم، لم أتضجر من وجودهم كما فعلوا معيّ، ربما كنت ثقيلاً عليهم لذلك تركوني أرحل، ما فائدة الحديث الآن معك يا رفيقي لقد قلبت لحظتي السعيدة رأساً على عقب، بعدما كتبت عقد احتكاراً مع الحياة ألا أبكي مجدداً، وأحكي ما مررت به، أن أقف من جديد شامخ كالجبال. ها أنا الآن أخبرتك بكل شيء؛ فأجبني عن سؤالي.
ماذا استفدت بعدما أخبرتك بمأساتي؟.”