بقلم _ سهام سمير
للتاريخ بابان، أحدهما يدخله المنتصرويسطر حروفا من فضة، والآخر يدخله الخائن وسطوره شديدة السواد.
دخلت انشراح موسى التاريخ من الباب الآخر، تدرجت سلم الخدم في البيت الاسرائيلي إلى أن وصلت لأحقر درجة فيه.
ولدت انشراح لأسرة ميسورة الحال، ندهتها نداهة الحب، فارتبطت ب الشاب ابراهيم وانتقلت للإقامة معه في العريش.
عانى ابراهيم من قلة المال وكثرة النفقات وسار في الطريق الأسهل، ارتشى وقبض عليه وسجن لمدة 3 شهور خرج بعدها ليدل الاسرائيلين على مكان أحد الفدائيين ومن هنا كانت بداية المشوار.
عاد يومها محملا بهدايا لزوجته وأولاده الثلاث، وأطلع زوجته على سره بخبث، وفوجيء بحماسها وموافقتها الغير محدودة لفعلته بل ومعاونته على ذلك.
ترتبط صورة انشراح وابراهيم في ذهني بصورة بطلي المسلسل الذي عرض فى الثمانينات، بعنوان السقوط في بئر سبع، إسعاد يونس التي أتقنت دور الخائنة ومساعدة زوجها الخائن سعيد صالح، وأذكر جيدا نهاية المسلسل وكيف تم الحكم عليهما بالإعدام ويومها علمت أن الخيانة جزائها الموت قولا واحدا.
يومها كرهت الخيانة وكرهت من يخون، واحتقرت ابراهيم وانشراح وظل ذكرى المسلسل كلمة النهاية الإعدام. إلى أن قرأت اليوم خبر وفاة انشراح موسى عن عمر 84 عام فاكتشفت أن من تم تنفيذ حكم الإعدام عليه هو الزوج إبراهيم سعيد شاهين، وهي سجنت لمدة ثلاث سنوات ثم أفرج عنها في صفقة تبادل للأسرى الاسرائيلين وسافرت هي وأولادها واستقرت في اسرائيل وعملت هناك في كافيتريا مغمورة.
يقال أنها ظلت تجلس على كرسي أمام باب حمام الكافيتريا لتمسح وتنظف، وليس المهنة هي المعيبة لكن من انتهى به الحال غريبا في مكان ليس بمكانه، وانتفت صلتها ببلدها وموطنها الأصلي.
ولأن الخيانة هي ميتة سيئة في حد ذاتها، فلم يعد أحد يتذكر الثنائي وإلا ويتبع اسميهما اللعنات، والنبذ.
حتى الأبناء الثلاث تفرقت بهم السبل، فأحدهم هاجر لكندا واعتنق الإسلام وتزوج مصرية مسلمة والأخر له سلسلة فيديوهات على اليوتيوب يحكي فيها مآل عائلتهم وما جرى لهم.
أتسأئل لو أن الأيام عادت بعائلة ابراهيم سعيد شاهين، هل سيختار نفس الطريق بنفس المصير والنهاية؟
هل سيسلم معلومات مهمة عن وطنه للعدو ويتقاضى أجرا على ذلك؟ ويموت في سن صغيرة تاركا خلفه 3 أبناء وأرملة!
ماذا لو عارضته الزوجة يومها وأصرت على الوفاء لوطنها وتركت البيت مصطحبة الأبناء! أو حتى حدث له مراجعات ولم يتعاون مع العدو!
أسئلة تتزاحم وإجابات مبنية على افتراضات!
الغربة أمر صعب والغربة في بلاد العدو الصريح والذي لا يلقي لك إلا بالفتات، لم يغدق عليها الاسرائيليون كما توقعت بل عادت لنقطة الصفر او ما تحت الصفر.
خبر وفاتها عن عمر 84 فاجئني، أتسائل: ما شعورها طوال هذه السنوات؟ وهي غريبة منبوذة بأولاد تفرقوا حين كبروا، ووسط مجتمع لم تألفه أو قد تكون ألفته واعتادت عليه!
هل شاهدت المسلسل مثلنا؟ هل رأت وجهة نظر المؤلف والمخرج وأبطال العمل والمشاهدين فيما اقترفته!
هل أعجبها أداء إسعاد أم تراها كانت ستؤديه هي بشكل أفضل وأكثر مصداقية!
ينطبق على انشراح موسى ومن على شاكلتها مقولة:
” مثل الذي خان وطنه و باع بلاده مثل الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص ، فلا أبوه يسامحه و لا اللص يكافئه.
تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.
تتجه
- مقدمات السكري
- زرع الصحراء
- المشير محمد عبد الغني الجمسي
- لقاءات توعوية ومحاضرات تثقيفية ببيوت الثقافة بمحافظة السويس
- دور الأدباء في تشكيل الوعي
- جامعة السويس تحقق تقدمًا ملحوظًا في تصنيف التايمز العالمي
- لكن….كيف تخيب الظنون ؟
- جوتيريش: إطلاق النار على قوات “اليونيفيل” جنوب لبنان يعد انتهاكا للقانون الدولي
- سفير إسبانيا : نقدر الجهود التي تبذلها مصر لوقف إراقة الدماء في غزة ولبنان
- لماذا وجه أوباما أقصى اتهامات لترامب فى خطاب بمدينة بيتسبرغ
السابق بوست
القادم بوست
قد يعجبك ايضا
تعليقات