بقلم/ دكتورة سلوى سليمان
إن المرأة نصف المجتمع من حيث التكوين وكل المجتمع من حيث التأثير في النشأة والتكوين، فهي الأم والأخت والزوجة والجدة والمعلمة والمربية والعاملة و…إلخ
فالمرأة هي جزء أساسي من كيان المجتمع ككل، وأدوارها لا تنتهي ولا تقف عند حد، وقد وصف الله عز وجل المرأة والرجل في الزواج بأنهن سكن لبعضهم البعض، وأنهما خلقا من روح واحدة ومن بين كل الأحاديث عن دور المرأة في المجتمع لن تجد أي حديث يوفيها حقها إلا تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال عن المرأة: أنهن المؤنسات الغاليات؛ فهي ركن المجتمع الأصيل وعماد الأسرة؛ و هي من تقوم بتربية الأجيال على المبادئ والحق والمساواة وهي من تزرع في نفوسهم حب لم الشمل والخير والطاعة والرضا والقناعة والتفاني .
وبالفعل إن التغيير الإيجابي الذي تسعى له المجتمعات مرهون بشكل كبير بواقع المرأة ومدى تمكنها من القيام بأدوارها في المجتمع، ويعد دور المرأة من أكثر الأدوار الانسانية تأثيرا في المجتمع؛ فتقول أناتول فرانس:المرأة هي مكونة المجتمع، فلها عليه تمام السلطة، لا يعمل فيه شيء إلا بها، ولأجلها.
فهي تشغل دور أساسي في بناء أسرتها ورعايتها لهم، من خلال ما يقع على عاتقها كأم من مسؤولية تربية الأجيال، وما تتحمله كزوجة من أمر إدارة الأسرة، ومع تقدم المجتمعات وتطورها نجد أن المرأة أصبح لها دورًا اجتماعيًا كبيرًا في شتى المجالات، وبناءً على مؤهلاتها العلمية والثقافية والاجتماعية تنوعت أدوارها في المُجتمع على مُختلف الأصعدة. ويتطلب
دورها في المجتمع الحديث ثقةً بالنفس، وسموّاً في الطموح والأفكار، بالإضافة إلى المبادرة، والمواظبة، والرغبة الكامنة في العمل والإنجاز والإبداع، وفي الوقت الحاضر تستطيع أن تتكيّف مع تطوّر الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحيطة بها، ويؤكّد تقدّمها الملحوظ في المجالات التي تتطلّب المعرفة والنقاش والعمل على ذلك، فقد أثبتت المرأة استغلالها لقدراتها الإدارية، وأثبتت نجاحها وكفاءتها في رعاية البيت والأسرة وفي جميع مجالات الحياة الأخرى، ومن أبرز أدوارها مساهمتها في الحياة والمجتمع ، فتعد مفتاحََا للتنمية المستدامة التي تخص الأسرة، والتي تعد اللبنة الأساسية التي تساهم في تكوين المجتمع، وبهذا فإن قيام المرأة بالحفاظ على الأسرة وتطويرها سيؤدي في النهاية إلى الحفاظ على المجتمع وتطوره.
و لها أيضا دور في السياسة حيث اثبتت قدرتها على خوض الحياة السياسية في المجتمع، وذلك من خلال توليها العديد من المناصب السياسية في الدولة وقدرتها على القيام بالمهام المتعلقة بالمنصب السياسي كما أنها تقوم بدورهام جدََا في نقل العلم الذي يسهم في تنشئة الأجيال، وذلك من خلال تعليم الأبناء بالدرجة الأولى، ونقل التعليم إلى الخارج من خلال عملها في مختلف مجالات التعليم، وقد أثبتت المرأة كفاءة عالية في تأدية مهنة التعليم بمجالاتها المختلفة،وأثبتت أيضا عبر التاريخ قدرتها على خوض مختلف مجالات الحياة، ومنها الطب، وفي العلوم ساهمت في اكتشاف العديد من الموجودات العلمية، ووضع الفرضيات والنظريات العلميّة، كما قامت بالإسهام في تأسيس العلوم المختلفة مثل عالمة الوراثة البريطانية ريبيكا سوندرز وعالمة الكيمياء الحيوية البريطانية موريل ويلديل.
وللمرأة دور في حقوق الإنسان حيث قامت بالحركات النسوية المختلفة على مدار التاريخ لدمج حقوقها ضمن حقوق الإنسان، وذلك لتتمكن من الحصول على حقوقها الطبيعية بسهولة وعدم قمعها، ومقارنتها بالرجل على أنها عنصر أقل منه في اكتساب الحقوق، وقد أٌبرمت العديد من الاتفاقيات الدولية التي ضمنت حقوقها، وعملت على دمجها ومساواتها مع الرجل في اتفاقيات حقوق الإنسان المختلفة.
ومن هنا كون المرأة كعضو في المجتمع فيجب أن تكون شريكة في إدارته وتحمل شؤونه، وهذا فعليا دورها الاجتماعي، ولها دور كبير وعالمي في تطوير سبل العمل في المجالات والقطاعات العملية المختلفة، كما أنها تسهم أيضًا في نشر التأثيرات الإيجابية التي تطرأ على المجتمع ومكوناته.
اخيرا.. من أبرز التحديات التي تواجه المرأة في المُجتمع: عدم وعيها بالدور المنوط لها، وما يقع عليها من التزامات ومسؤوليات تجاه المجتمع، والانبهار بالنموذج الغربي ومحاولة تطبيقه في المُجتمعات العربية، كذلك الخلط بين العادات والتّقاليد المُنافية في الدين الإسلامي وبين نظرية المجتمع الإسلامي، فضلا عن صمت المرأة عن حقوقها وعدم الدّفاع عنها بأي شكلٍ من الأشكال.
ومن هنا علينا أن نكرم المرأة بمنحها كافة حقوقها لكي تستطيع أن تنخرط في شؤون البناء والتنمية على نحو فعال وحيوي، لذلك من الجيد التأكيد على أهمية تمكين المرأة لكي تكون قادرة على القيام بأدوارها بفاعلية، والمقصود بالتمكين هي العملية التي تُشير إلى امتلاكها للموارد وقدرتها على الاستفادة منها وإدارتها بهدف تحقيق مجموعة من الإنجازات للإرتقاء بالفرد والمجتمع .