القاهرية
العالم بين يديك

الترويقة

144

بقلم رشا فوزي

مما قرأت رواية
“الرديف” للكاتب محمد المخزنجي، الفائزة بجائزة كتارا 2020، من إصدار دار بورصة الأدب.
ماذا يحدث إذا استيقظت يوما لتجد نفسك عجوزا في الثمانين، بينما ذاكرتك قد توقفت أحداثها عند الثلاثين من عمرك، وما بينهما مفقود ما بين الحقيقة، الخيال، والخرافة، تائه ما بين العقل، الجنون، والمرض النفسي.
الرديف في لغة العسكرية هو الجندي الاحتياطي الذي يتم تسريحه من الجيش بعد انقضاء فترة تدريبه.
تأتي أحداث الرواية في ثلاثة عصور؛
عصر الثلاثينيات والأربعينيات؛ حيث أجواء الحربين العالميتين التي خاضتهما أوروبا عامًة، والمملكة البريطانية خاصًة، الحكم الملكي لمصر بطرابيشه، والاستعمار الأنجليزي لها، ومقاومة شعبها للأثنين معا.
عصرالثمانينات والتسعينيات؛ مفتتحا بمشهد اغتيال الرئيس أنور السادات، تولي الرئيس حسني مبارك الحكم، ثم استرجاع طابا من اليهود.
وعصر الألفية الثالثة وما واكبه من تقدم تكنولوجي، ثوارات الربيع العربي، واحتلال الأنترنت لحياتنا.
هي ليست رواية سياسية أو تاريخية كما قد يتبادر للذهن، وإن كان لتلك الحقائق تأثير قوي في مجريات أحداث الرواية وحبكتها، إضافة لكونها تمثل الأطار الزمني لها.
إنما هو الرعب عندما يصاغ بشكل أدبي عالي المستوى، فقد قام كاتبها بتطويع تيمة الرعب في خدمة النص الأدبي؛ لتصبح أحدى عناصره، وليس العكس.
أكثر ما أبهرني هو التكنيك الموفق جدا الذي اختاره الكاتب لسرد الرواية؛ فقد أضاف لها جاذبية، غموض، وثقل.
شخصياته ذات الأبعاد والعمق النفسي المشوش؛ نتيجة لما مروا به من أحداث معقدة ومخيفة؛ مما جعلها تنبض بالحياة.
انتقال الكاتب بسلاسة وتمكّن بين مراحل زمنية متعددة، وأحداث متشابكة ومتشعبة، دون أي تشتيت للقاريء.
باختصار الرواية دليل قاطع على تمام حالة النضج الأدبي لدى الكاتب.
فهي تجربة ممتعة ومختلفة، وخطوة قوية ومميزة للارتقاء بأدب الرعب لمستوي أعلى فنيًا.
مع خالص تمنياتي للكاتب بمزيد من التألق والأبداع.

قد يعجبك ايضا
تعليقات