القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

صيد العقارب في المنيا

110

 

القاهرية

قضت العقارب على الكثير من البشر بلدغة سامة وبدأ الصراع بين الإنسان وبين العقارب كواحدة من معارك الوجود أو الفناء وتحول صيد العقارب من مجرد القضاء عليها رغبة في الحياة إلى مصدرا من مصادر الرزق بل الثراء وسنتناول في تقارير قادمة كيف أصبحت هذه المهنة مطلبا للثراء
إن البحث عن العقارب تحت جنح ظلام الصحراء الموحش، كان سم هذه الهوام يُستَخدم في الطب التقليدي بأماكن متفرقة من العالم، كالصين والهند وإفريقيا. وفي عصرنا الحديث، مازال العلماء يعكفون في مختبراتهم منذ أعوام على سبر أغوار “الذهب السائل” وفوائده المحتملة في كشف الأمراض واتقائها وعلاجها؛ بعدما نجحوا منذ زمن في تحويله إلى أمصال مضادة للسعات العقارب. وقد حصروا حتى الآن جملةً من المنافع الصحية الواعدة لبعض مكونات هذا السم، من بينها -مثالًا لا حصرًا- تسكين الآلام؛ والكشف الدقيق عن الخلايا السرطانية وتحديد حجمها؛ وعلاج بعض أمراض التهاب المفاصل؛ وعلاج الملاريا؛ وصنع الأدوية المثبطة للمناعة، والتي تساعد الجسم البشري على قبول الأعضاء المزروعة.

كان صيد العقارب يتم من خلال أنواع عديدة للقضاء عليها خاصة في الصعيد، وكانت الأداة هى الملاقط والفوانيس، وإشباع الجدران بالمياه كي تطفو، لتُقتل بعد ذلك، بالإضافة لـ”الرفاعي” الذى يسيطر عليها، وذلك قبل أن تكثر الوحدات الصحية في قرى مصر، وقبل أن تقوم هيئة اللقاحات في القاهرة بطرح عقار سم العقرب الحديث، وهو العقار الذي يؤخذ غالباً من دم الحصان بعد حقنه بالسم، حيث يُفرز الحصان مضادات للقضاء علي السم، وهي المضادات التي يتم تركيب العقار منها في زمننا الحاضر.

وأوضح سمعان بطرس النجار أحد مفتشي الصحة في الواحات عام 1918م ، في إحدى مقالاته النادرة، بان العلاج المتبع للأطباء في لدغات العقارب كالآتي: نقوم بغسل التشريط بالبوتاس أو النشادر، ونعطي لهم حقنة المضادة للسم ومزيجا يحوي النشادر والأثير فيذهب ألم اللسعة بعد مرور 12 ساعة، مؤكدا أن موسم العقارب هو شهر إبريل من كل عام، وينتهي في أغسطس علي الغالب

ويؤكد أن الحقنة المضادة للدغات العقارب لا تؤدي لمضاعفات في القلب والدم من سم العقرب، مضيفًا أن أغلب الوفيات التي كانت تحدث من لدغات العقارب كانت في العزب والنجوع المتطرفة من الواحة والبعيدة عن مكاتب الصحة مطالبا بإعطاء كل حلاق من الحلاقين بالصحة في القرى المصرية حقنة ضد سم العقارب، حيث إن الوفيات التي تسببها العقارب تزيد عن 12 مصابًا أغلبهم من الأطفال.

وقام سمعان الطبيب بفحص كافة الدفاتر الطبية القديمة في الواحات، والتي رصدت الحالات المرضية، كما يسرد الطبيب مشاهداته في الواحات حيث شاهد مريضا من اليونان يشكو من تورم أصابعه بسبب لدغات الحشرات والبعوض ومنها الناموس التي سبب تورما ملتهبا لليوناني، مما أجبر سمعان علي إجراء جراحة عاجلة له، مؤكدا أنه ممنوع كطبيب إجراء الكشف على النساء بسبب التقاليد في الواحات.

ورصدت مجلة “اللطائف” في أحد أعدادها، إعلان الحرب على العقارب السامة، حيث أوضحت “اللطائف” قيام مدير المنيا ويدعي شمس الدين عبد الغفار بإلزام الأهالي بصيدها بالملاقط والصفائح والفوانيس في ثلاثينيات القرن الماضي.

وأوردت المجلات العلمية خبر الاكتشاف لعقار أقوى فاعلية في القضاء على لدغات العقارب، حيث توصل الدكتور علي حسن أستاذ الكيمياء بطب جامعة فؤاد الأول وزوجته الدكتورة زينب كامل حسن استطاعا تحضير المادة الفعالة للقضاء علي سم العقرب الذي كان يؤدي لموت الأطفال، وقال الطبيب في تقريره أنه استخلص بعض العقاقير من الماعز حال حقنها بالسم، لافتاً أن الطريقة هو أن يعطي المريض ساعة وصوله حقنه تحت الجلد من نصف إلي واحد سنتيمرات من الجينجاريين أو “نترات” الأرجامتين، ويجوز إعطاء المريض حقنة أتروبين تحت الجلد إذا كانت الأعراض مصاحبة لسيلان أو قيء أو إسهال.

وأضاف أن الطريقة العادية في القصر العيني لمعالجة الملدوغ هي حقن كافور أو حقن كورامين ويضعون المريض في حمام كهربائي، وتمتاز هذه الطريقة علي طريقة المصل بأنها أسرع في الامتصاص وتمتاز هذه العقاقير بأنها لا تتلف مع مرور الزمن كالمصل، حيث كانت تجرب ثلاثينيات القرن الماضي أول محاولة لطرح عقار مصري مضاد للعقارب السامة في الصعيد، والتي تم إجراء تجارب عليها في عدد من جامعات الصعيد مؤخرا، حيث توصلوا أن سم العقرب له فائدته للقضاء على الخلايا المرضية في الإنسان.

قد يعجبك ايضا
تعليقات