القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

المسخ

89

بقلم أميرة محمد
تعد رواية المسخ كما قال عنها غابرييل ماركيز أعظم افتتاحية روائية يمكن تصورها على الإطلاق في القرن العشرين وقال عنها أيضا الكاتب البلغاري ..الياس كانيتي ..أنها أحد الأعمال القليلة الرائعة وأحد أفضل أعمال الخيال الشعري المكتوب في هذا القرن.

لذلك أردت أن أفند بداية للكاتب صاحب أعظم رواية بالقرن العشرين فرانز كافكا .
حاول البعض الكتابة عن فرانز كافكا إلا أنهم وجودوا صعوبات كثيرة وذلك لأن؛
أولا/ معظم أعمال كافكا ظهرت بعد موته حتى أن البعض أطلق عليها أسماء إذا بعث كافكا اليوم لاندهش لها غاية الدهشة .
ثانيا/تجاذب النقاد لأعمال كافكا في اتجاهات تفسيرية كثيرة منهم يفسرها دينيا وآخر سيكولوجيا وآخر اجتماعيا ومنهم يفسرها سياسيا،إذن أغلب النقد ذاتي .
ثالثا/نظرا لأن كافكا يهوديا فنجد بعض اليهود ذوي المبادئ الخطيرة يفسرون كافكا وكتاباته حسب ميولهم.
خلاصة الأمر لابد لنا أن نستعرض لكافكا بشكل موضوعى محايد وفقا لحياته وميوله هو فأعماله أصبحت عنصر من عناصر الثقافة الإنسانية في القرن العشرين ولا يمكن تصور الثقافة بدونه وإليكم الآن كافكا..
هو الكاتب التشيكي الذي عاش حياة معتلة لأنه ضعيف الجسم ،مهزوز الصحة ،مضطرب الوجدان ،دنياه قاسية لا تحنو عليه حتى أصبح زعيم الواقعية السوداوية أو الأصح واقعية عجائبية لأنها تتصف بالتناقض فهى منطقية ولا منطقية،مضحكة ومبكية ،خيالية وواقعية ورغما من ذلك إنها دائما صادقة.
عاش كافكا حياة صعبة وغريبة فأمه من عائلة أرفع قدرا من عائلة أبيه ولكنها ضمت افرادا غير أسوياء ،أما أبوه هرمن كافكا التشيكي الأصل كان يتحدث التشيكية والألمانية ولكن كافكا عانى مع والده معاناة شديدة لأن الأب حاول الوصول من الفقر إلى الغنى ولكن بعدوانية شديدة تجاه الزوجة و أهلها وحين وصف ..كافكا..حياتهم بهذا الأب أبدع الوصف بأنه تألم إلى أعمق أعماق ذاته ،كسر أصاب نفسه،حيرة كبرى اوجدها هذا الأب. ثم يحدثنا برسائل عن أمه ومربيته وكم الخوف والتفكك ثم يعرض برسالة إلى صديقته ميلينه :وكانت المدرسة بالنسبة لي شيئا مرعبا.
كان نتيجة ذلك أن أصبح كافكا فاقدا للثقة فيما وفيمن حواليه فلاذ بالصمت والانعزال مما دفعه إلى التعبير عن ذاته في خلق فني .
نجد أن كافكا قد ارتقى في العلم حتى حصل على الدكتوراة في القانون بدرجة مقبول ورغم ذلك فرح بهذا التقدير الضعيف وذلك بسبب خوفه من الفشل وخوفه من أهله فكان ….الخوف….هو الشىء الذي عمل له ألف حساب في حياته وأعماله تنطق به ،فكان يخاف من اهله خاصة لأنهم انكروا عليه التفرغ للأدب وهذا يظهر جليا في خطاباته التي عبر فيها عن أزماته الشديدة التي عصفت به.
ثم يأتي بنا الحديث عن كافكا والنساء فقد كان يراهم كشخصيات شاذة عن الوجود رغم ظهور علاقته في بعض رسائله بفيليسته باور وجريته بلوخ .ثم ظهرت علاقته الشهيرة بميلينا يزينسكا حيث أظهر ذلك في رسائله أنها الوحيدة التي كانت تفهمه.ثم أصيب كافكا بالسل الرئوي الذي جعله عاكف على الأدب لعلمه بقصر عمره حتى توفي عام 1924وعمره أقل من 41 عاما بشهر .
أعماله
____
أقل أعمال كافكا ما ظهر بحياته وأهمها ما ظهر بعد وفاته ومن أعماله الأولى الأشجار،الثياب،العابرون،تطلع تائه
ظهر بعدهم الحكم ،في معسكر العقاب،فنان جائع ثم ظهرت أعمال بعد وفاته منها القضية ،القصر ،عند بناء سور الصين وغيرهم إضافة إلى الرسائل المتعددة.
……..المسخ………
تبدأ رواية المسخ بجريجور سامسا الذي أستيقظ وقد وجد نفسه قد تحول إلى حشرة ،أعتقد بالبداية أنه يحلم ولكن مرورا بالأحداث تاكد له ذلك التحول وذلك أيضا عندما سمع صوت رفيع يخرج منه عندما نادته أخته تأكد له ذلك أيضا،حاول سامسا هذا التاجر البسيط الذي كان يعمل ليعول أسرته بكل تفاني وحب أن يتكيف مع وضعه الجديد ويحاول تقبله وهنا نجد الكاتب اظهر اللاواقع ينبثق من عمق الواقع وكأنه حقيقة مسلم بها ،فيحاول أن يكتفي من الحياة بسماع عزف أخته التي كانت قريبة جدا منه ولكنه يقابل واقعه الكابوسي الأليم بنفور أخته ويسمعها تتمنى موته فيجد أن الموت هو سبيل الخلاص فيلجأ للانتحار .

إن كان البعض يعتبر كافكا سوداوي لا يعتد بما ترك وقدم فأنا أرى أن الشىء الوحيد الذي لم يعط كافكا فرصة ليثبت غير ذلك هو الموت ، كافكا يحمل مشاعر إنسانية عظيمة عكرت صفوها نفوس مريضة وهذا نراه حولنا وما أكثر المرضى في مجتمعنا.

قد يعجبك ايضا
تعليقات