بقلم _ مودَّة ناصر
عزيزي أهلاً،..
كيف حالك؟، لعلك بخيرٍ جميلٍ يُلبسك حِلته، فتغدو هانئًا قرير العين، وأن قلبَك مُرتبٌ وأنيق، وتجلسُ أشياؤه في أماكنها فلا تُحدِثٌ جَلبَةً بليلٍ أو نهار، آملُ أنك مطمئنٌ والأمور على ما يرام.
أما نحنُ، فكما يقول حراجي القط:
” بنعرِّفكم، احنا بخير،
ولا يلزمنا إلا رؤية وجه الغايبين.”
عزيزي،
وددتُ لو أن سمرًا بيننا دائمًا أبدًا،
وأنك هنا،.. رفيقي ومؤنسي.
لا أعلم حديثًا بعينه أقوله لك يا عزيزي، فقط استجبتُ لنداء الكتابةِ إليك، لأن أسألك: كيف حالك وأعنيها تمامًا، بكلِّ الصدقِ التي تحمله، والسؤال التي تطلبه. وأن أردف بعدها بعض آمالٍ بسيطةٍ تُشبهني وتُشبهك، ربما لم تلتقي كلانا بعد، لكن ها نحنُ نذكرها ونستدعي وجودها، والوجودُ فكرةٌ، حينما تحضر الفكرةُ يحِلُّ الوجود.
“وأظلُ أرسمُ بالخيالِ عوالمي
ما حيلة المُضطرِّ غير خيالِه”
آهٍ يا عزيزي، مازلتُ أذكرُ أريكتنا الجميلة، أرجوحة الكلامِ يحفُّها حمام السلام، يطوي الحمامُ تحت جناحيهِ جميل عهدنا. نسبحُ في فضاءِ العالمِ إليه، نراهُ تارةً، ونتغافلُ عنه تارةً أخرى، وتسيرُ خطانا مرةَّ فيه، وأُخرى عليه. ونحنُ نحبُّ المسير بلا أسئلة، ويقابلنا السؤالُ بلا أجوبة، وحيارى نحنُ كنَّا نسيرُ، لكن معًا، نُحيلُ السؤال إلى سراب، وبالخلفِ كنَّا نرجو الجواب.
ماذا أفعلُ بقلبي أيها العزيز؟، أفتنِي فيه..
هذا الصغيرُ يشاكسني دائمًا، أركضُ وراءه كي ألتقيه، ويُنهكني الركضُ فأنتظر، لأراهُ يتسللُ ليلاً، عابثًا بأشيائي التي فيه، يشعلُ الشوق بجذوةٍ من حبٍ؛ فيدفأ، وأحترق.
يُفككُ ذكرياتي التي عقدتُها بحبلِ الوهن، فتتناثرُ الذكرياتُ بكلِّ مكان، وتُبعثُ الذكرياتُ بعد مرقدها، فتغدو عفيَّة، أحورية؟، يُسحرني جمالها، ويزعج قلبي نورها؛ القلبُ الذي اعتاد العتمة يؤلمه الضوء.
وأنفر عن رأسي كل الأشياء التي تراوده، فيغدو كثقبٍ كبير، وأهاب الثقوب،
ثقوبٌ، ثقوب،.. تأكلني وألفظها.
هذا الصغيرُ عصيٌّ، وأنا مُنهكة، والأشياء في قلبي مُتعِبة.
عزيزي،
وددتُ لو أنك هنا،
نرتبُ الذكرياتَ ونواجه الأسئلة،
ونبحثُ -هذه المرِّة- سويًا عن الأجوبة.
عزيزي،
وددتُ لو أن سمرًا بيننا دائمًا أبدًا،
يا مَن الكتابةُ إليه رفيقةٌ ومؤنِسة.
كن بخيرٍ دائمًا،
واكتب لي.
٢١ أكتوبر ٢٠٢١م