القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

رسول الله ﷺ بعيون غربية الجزء الثالث

114

بقلم د/ محمد بركات

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

رسولنا المصطفي صلي الله عليه وسلم النموذج الكامل والقدوة الحسنة ، وسيرته ﷺ لو قرأها أي إنسان غير مسلم بعين الإنصاف والتجرد ما وسعه إلا تصديقه والإيمان برسالته .

ولم لا؟

وحياته صلي الله عليه وسلم عابرة لحدود الزمان والمكان والحال.

كم من المواقف والأحداث وإن مرت بنا آلاف آلاف المرات ما سلكنا فيها طريقا غير الذي عرفناه وتعلمناه منه ﷺ.

حقا صدق ربنا سبحانه وتعالى إذ يقول:
{ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا }
(سورة الأحزاب ، الآية: 21)

جاء في تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله:
هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله ; ولهذا أمر الناس بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب ، في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه ، عز وجل ، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين.

، ولهذا قال تعالى للذين تقلقوا وتضجروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم يوم الأحزاب : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) أي : هلا اقتديتم به وتأسيتم بشمائله ؟ ولهذا قال : ( لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ) .

لا زلنا مع الكاتب والمفكر الأمريكي مايكل هارت وكتابه “الـ 100: تصنيف الأشخاص الأكثر تأثيراً في التاريخ”.

من الحقائق التي وقف عليها في بحثه وكتابه:

أنه ﷺ (أسَّس إمبراطورية إسلامية)

فيروي هنا هارت ؛ تاريخ الفتوحات الإسلامية، ويعلق قائلاً “استطاع هؤلاء البدو المؤمنون بالله وكتابه ورسوله، أن يقيموا إمبراطورية واسعة ممتدة من حدود الهند حتى المحيط الأطلسي، وهي أعظم إمبراطورية أقيمت في التاريخ حتى اليوم، وفي كل مرة تكتسح هذه القوات بلداً، فإنها تنشر الإسلام بين الناس”.

ثم يرصد هنا المفكر مايكل هارت؛ انكماش الإمبراطورية الإسلامية واقتطاع أجزاءٍ من أراضيها، لكنه يقول عن الإسلام “ظلت الديانة الجديدة تتسع على مدى القرون التالية، فهناك مئات الملايين في وسط إفريقيا وباكستان وإندونيسيا، بل إن الإسلام وحّد بين اندونيسيا المتفرقة الجزر والديانات واللهجات، وفي شبه القارة الهندية انتشر الإسلام وظل على خلافٍ مع الديانات الأخرى .. والإسلام مثل كل الديانات الكبرى، كان له أثرٌ عميقٌ في حياة المؤمنين به، ولذلك فمؤسّسو الديانات الكبرى ودعاتها موجودون في قائمة المائة الخالدين”.

وهنا سؤال مهم بطرحه ويجيب عليه ومفاده:

لماذا محمد رقم (1) وعيسى رقم (3)؟

يجيب مايكل هارت؛ عن هذا السؤال قائلاً: “ربما بدا شيء غريب حقا .. أن يكون الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – في رأس هذه القائمة، رغم أن عدد المسيحيين ضعف عدد المسلمين، وربما بدا غريباً أن يكون الرسول – صلى الله عليه وسلم – هو رقم (1) في هذه القائمة، بينما عيسى عليه السلام هو رقم (3)، وموسى عليه السلام رقم (16).. لكن لذلك أسباب: من بينها أن الرسول محمدا – صلى الله عليه وسلم – كان دوره أخطر وأعظم في نشر الإسلام وتدعيمه وإرساء قواعد شريعته أكثر مما كان لعيسى – عليه السلام – في الديانة المسيحية، وعلى الرغم من أن عيسى – عليه السلام – هو المسؤول عن مبادئ الأخلاق في المسيحية، غير أن القديس بولس؛ هو الذي أرسى أصول الشريعة المسيحية.

، وهو أيضا المسؤول عن كتابة الكثير مما جاء في كتب “العهد الجديد”.. أما الرسول – صلى الله عليه وسلم – فهو المسؤول الأول والأوحد عن إرساء قواعد الإسلام وأصول الشريعة والسلوك الاجتماعي والأخلاقي وأصول المعاملات بين الناس في حياتهم الدينية والدنيوية، كما أن القرآن الكريم نزل عليه وحده، وفي القرآن الكريم وجد المسلمون ما يحتاجون إليه في دنياهم وآخرتهم”.

وليس في المسيحية كتابٌ يشبه القرآن

يضيف هارت: “والقرآن الكريم نزل على الرسول – صلى الله عليه وسلم – كاملاً، وسُجلت آياته وهو لا يزال حياً، وكان تسجيلاً في منتهى الدقة، فلم يتغيّر منه حرفٌ واحدٌ .. وليس في المسيحية شيءٌ مثل ذلك، فلا يوجد كتابٌ واحدٌ محكمٌ دقيقٌ لتعاليم المسيحية يشبه القرآن الكريم، وكان أثر القرآن الكريم في الناس بالغ العمق، ولذلك كان أثر محمد – صلى الله عليه وسلم – على الإسلام أكثر وأعمق من الأثر الذي تركه عيسى – عليه السلام – على الديانة المسيحية”.

وهنا يستنج أن محمد النبي ﷺ أكثر أثراً من عيسى

ثم يكشف مايكل هارت؛ عن الفروق بين شخصيتَي النبيَّيْن، ويقول “على المستوى الديني كان أثر محمد – صلى الله عليه وسلم – قوياً في تاريخ البشرية وكذلك كان عيسى، وكان الرسول – صلى الله عليه وسلم – على خلاف عيسى رجلاً دنيوياً، فكان زوجاً وأباً، وكان يعمل في التجارة ويرعى الغنم، وكان يحارب ويُصاب في الحروب ويمرض .. ثم مات”.

ولا يزال رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم يشغل الباحثين عبر التاريخ.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وكن بنا وبالمؤمنين رؤوفا رحيما.

قد يعجبك ايضا
تعليقات