القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

كوبري قصر النيل بالقاهرة

95

 

تقرير: محمد زغله

خطط الخديوي إسماعيل إلى تحويل القاهرة إلى مدينة تنافس مدن أوروبا من حيث التنسيق والجمال الحضاري، وفي سبيل ذلك كلف المهندس الفرنسي هاوسمان بوضع المخطط واستجلاب ما يحتاج من الفنانين والبُستانية، وبالفعل أصدر الخديوي إسماعيل فرماناً بإنشاء جسر (كوبري) يربط بين ضفتي النيل الضفة الشرقية (ميدان الأسماعيلية) التحرير حاليا والضفة الغربية (منطقة الجزيرة) عام 1869م، وهو أول كوبري على النيل بالقاهرة والثاني في مصر عامة بعد كوبري بنها 1856، واستغرق تشييده ثلاث سنوات حيث تم افتتاحه عام 1872م وكان الهدف من إنشاء هذا الكوبرى هو تطوير المنطقة وظهورها بشكل حضاري يواكب التطوير المعماري لهذه الفترة في مدن أوروبا.

وكان عبور المصريين قبله على مراكب مصطفة وعليها ألواح خشبية للمرور إلى الضفة الأخرى مما يعرض حياتهم للخطر، وشهدت مصر بعد إنشائه رواجاً اقتصاديا وتجارياً بين الوجهين القبلي والبحري حيث سهل عبور المشاة والدواب.

تشكلت لجنة فنية لأختبار الكوبري ومدى تحمله، ومرت عليه فرقة مدفعية من 6 مدافع عدة مرات كوسيلة للأختبار، وبمجرد ما انتهت اللجنة من تقريرها افتتح للجمهور، ومرت فترة وجيزة واصدر الخديوي مرسوماً يقضي بوضع حواجز على مدخلي الكوبري لدفع رسوم عبور نشرت تفاصيلها في جريدة الوقائع المصرية بتاريخ 27 فبراير 1872 بعد مرور 17 يوما من افتتاحه، وكان الهدف من فرض تلك الرسوم هو أن تستخدم لتغطية تكاليف الصيانة وبلغت الرسوم قرشان للجمل المحمل وقرش واحد للجمل الفارغ وكذلك هناك تعريفه خاصة لباقي الدواب، أما البشر فكانت رسوم العبور للرجال والنساء ” فارغين وشايلين” 100 فضة، أما الإعفاء الوحيد فكان للأطفال دون سن ست سنوات من المارين مع أقاربهم.

وعهد الخديوي إسماعيل إلى الفنان الفرنسي هنري ألفريد جاكمار لإبداع أربع تماثيل على شكل أسود ضخمة لوضعها كحراس على حديقة الحيوانات عند افتتاحها، إلا أن مع الانتهاء تولى الخديوى توفيق حكم مصر وبدأ في تجميل كوبري الخديوي اسماعيل (اسمه آنذاك) وانبهر بجمالها ووجد أنها تليق بهيبة ومقام والده وقرر وضعها على مدخلي الكوبري بواقع أسدين على كل مدخل، وقد قام الفنان الفرنسي بصنع التماثيل من البرونز وتم نقلها من فرنسا إلى الإسكندرية ووضعت في ديوان البحرية ومنها إلى موقعها الحالي، وبلغت تكلفتها ما يقرب من 198 ألف فرانك، وأطلق المصريون لقب أبو السباع على الخديوي إسماعيل كناية إلى سباع قصر النيل، وأقيم احتفالاً كبيراً لوضعهما تباهى فيه النحات بجمال وكمال عمله حتى أشار طفل إلى أن الأسود بلا شارب.

وبلغت تكلفة المشروع حوالي 2.750 ألف فرنك، أو ما يعادل 108 ألف جنيه مصري في هذا الوقت وبلغ طول الكوبري 406 متر وعرضه 10.5 متر شاملة الأرصفة الجانبية التي بلغ عرضها مترين ونصف المتر، وتكون من 8 أجزاء، منها جزء متحرك من ناحية ميدان الإسماعيلية طوله 64 مترًا لعبور المراكب والسفن يتم فتحه يدويًا من خلال تروس، علاوة على جزئين نهائيين بطول 46 مترًا و5 أجزاء متوسطة بلغ طول كل منها 50 مترًا، وتم تأسيس دعائم الكوبري من الدبش المحاط بطبقة من الحجر الجيري الصلب.

مع تزايد حركة النقل تقرر هدم هذا الكوبري وإعادة بنائه من جديد، اشترط على مقاول البناء أن يكون الكوبري جميل الشكل، والاحتفاظ بالأسود الموجودة عند مداخل الكوبري كما هي دون تغيير، وأن يستعمل فيه مصابيح كهربائية للإنارة، وقام بالتنفيذ شركة إنجليزية، وقام الملك فؤاد الأول بوضع حجر الأساس في 4 فبراير 1932، وطول الكوبري الجديد 382 متر وعرضه 20 متر وتكلف حوالي 308 آلاف مصري وتم افتتاحه في 6 يونيو 1933 م.

تغير اسم الكوبري بعد قيام ثورة 1952، وسُمي بكوبري قصر النيل نسبة إلى القصر الذي كان يوجد بالمنطقة باسم ” زينب هانم بنت محمد على باشا ” ورغم تغيير اسم الكوبري أكثر من مرة في أكثر من عهد إلا أن اسم كوبري قصر النيل ظل عالقاً بأذهان المصريين ولم يستطع أحد تغييره.

قد يعجبك ايضا
تعليقات