عنَّا، والحبُّ يسكننا.
بقلم/مودَّة ناصر
إهداءٌ إلى،
مَن يشبهونني وأشبههم،
الجديرون بالحبِّ،
والمُنعِمونَ بالرفقة،
يُحبكم قلبي ويرعاكم.
—
حينما نحب، نتحدثُ كثيرًا عن المحبوب، يصيرُ كوكبًا ندورُ حوله بخفةٍ، تلك التي لا تُحدِث أثر الدورانِ المزعجِ وإنما أثرُ السُكرِ الجميل، أشبهُ بترنحٍ طاهرٍ إثر شربةٍ من ماء الحب الطهور، والقلبُ يختارُ مَن يُحب، يختارُ ولا خِيرَة لنا عليه، فيصير ما يحبه رسول الحبِّ ووحيه المبارك. حينما يشعرُ القلبُ أنه آنِسٌ، مُضيءٌ، وأنَّ بركةَ محبوبه تملأه، فيغدو القلب بيتًا يفتحُ للشمسِ أبوابه فتدخُل مشرقة، يسامحُ الأيام ويرضى عنها، يُطلقُ سراح الماضي، ويُبحر نحو عُمرٍ جديد.
ذلك الحبُّ الذي يحملُ على سفينة فؤاده كلَّ أشيائه، ويصيرُ المُحبُّ وَلِهًا بالحبَّ وحائرًا به، كالأمَّ أول أيامها، والحبُّ يطوي بقلوبنا أمَّا حنون، تهبُ بلا أخذٍ، وتعطي بلا شُكرٍ، وتُكرِمُ والكافُ؛ كرامة الحبِّ تُحييها، والراءُ؛ ريُّ الحبِّ يسقيها، والميمُ؛ محبةٌ تفيضُ عليها وتُبقيها.
كلُ الأشياءِ التي أضاءها نور الحبِّ جديرةٌ بالخلود، الخلود الذي لا يكترثُ لأرضٍ أو سماء، ذلك الروحيُّ لا الماديُّ، الذي يطأ الجنَّة المُباركة؛ القلب الذي أوقد الضوء وفتح الشبابيك.
وكلُّ مستوطنٍ بوطنهِ آمنٌ فيه، يضعُ حمولة سيره الطويل، ويستلقي على سرير القلبِ وآمالهِ البيضاء، والآمالُ ثوبٌ أبيضٌ برييءٌ من دنس، نحمله برقةٍ حتى نصل به إلى دارهِ فيرتدينا راضيًا. وبالوطن تتساقطُ منك الأرقامُ وتجهل الحساب، تنسى أيام الوحدةِ وسنين الغياب.
كلُّ الأشياءِ التي خلَّدها الحبُّ جديرةٌ بالتأمُل، بعبادةِ الإلَه، وبشكران الودود. كل ما أحببناه يومًا كان يُشبهنا، وتُشبهني الكلماتُ، ويشبهني الحبُّ وحنانُ الأمهات، وأسألُ؛ هل نحبُ الأشياء لأننا حقًا نحبها؟، أم لحبِّنا فقط لممارسةِ فعل الحبّ؟،
لا أعلمُ الإجابة لكن، كل ما أتيقنهُ أنني أحبُّ الكتابة، كل ما كتبته يومًا جديرٌ بحبي، خالدٌ بقلبي، يرعاهُ الصغير ويباركه.
ربما أحبُّ الأمومةِ لذا أرعى نصوصي كالصغار، أتأملهم برفقٍ شديد، فأتبينُ هذا الصغيرُ الباكي، وذاك الكبيرُ التائه، وأنتظر على شوقٍ وليدي الذي لم يأتِ بعد..
خمسةَ عشر يومًا، خمسةَ عشر رفيق،
كان الصغيرُ وكنت أمّه،
كنتُ الحبيبةُ وكان محبوبي.