القاهرية
العالم بين يديك

حُلم.

169

بقلم/ مودَّة ناصر
إليكَ هديتي،
طويتُها بملاءة الحُلمِ ورصّعتُها بنجوم النور، النجومُ التي أسمعناها من حديث كلانا عن الآخر، أكثر ما تبادلنا الحديث، وكأن الأحلامَ تُولد فجرًا، تستقبلُ الحياة ببسمةٍ واسعة، لا تُطلِقُ بكاءًا أوضحكًا وإنما تأتي ساكنة. الحلم ندى الفجرِ الرقيق، وصِبغةُ السماء وحدها؛ ترتدي السماءُ عباءتها الصافية من كدر ليلٍ أو نهار، وتسِعَ الكون بعينيها الرحبة، وكأمٍ هي جاءت تَطمئنُ على الصِغار، ومعقودٌ في قلبها سؤال؛ ماذا فعل بك الليلُ يا حبيبي؟، أكان نومك هانئًا؟. كيف ستخوضين النهار بعينيكِ المُرهقتين يا صغيرة؟، أفعل الغياب بقلبكِ كل هذه الحيرة؟.
تدركُ السماء جيدًا أن الليل والنهار يفعلون بصغارها الأفاعيل،
تصلي السماءُ من أجل صغارها، وبالفجرِ تستقبلُ الأحلام بغبش الوجود الناعم قبل وَضحِ النهار.
وفي الحلمُ رأيتكَ مجددًا، وليت الرؤى حلمٌ مشتركٌ يزور اثنين، لو أن للحلمِ قبضةً حانيةً يأخذ بها روحين؛ فليلتقيانِ سويًا، ويختلسانِ من الزمن وقتًا تنعمُ فيه الروح بجوار إلفِها، فلا تضيعُ نظرةُ محبٍ إلى محبوبهِ وراء الحلم، وأنَّىٰ لنا ألا نروي أحلامنا الوحيدة، حكايتنا التي نغزلها من خلف ظَهر العالم، وأن نُعتِّق ذِكرها قبل أن تُنسى، فالأحلامُ تُشبه السِحر وجودًا وأثرًا.
كالفراشةِ، و”أثرُ الفراشة لا يُرى، أثرُ الفراشةِ لا يزول”
بالحلم كانت عيناك مُحبّةً وخجولة، أدركتُ هذا حينما تخطيتها إلى ما وراءها، أدركتُ هذا بلمحةٍ خاطفة، ووددتُ لو أُطيل النظر. كانت السماءُ باسمةً ترعانا بعينيها الحالمتين، وعلى استحياءٍ كان الفجرُ يتفحصُ الوقت بساعته؛ فالأحلامُ الجميلةُ تنقضي سريعًا، يلتهمها الوقت، وكأنه لا يطيق دفئها الحاني، لا يعرفه، أما نحن فلا نعرف سواه.
وبالحلم كانت كل الأشياء العاديّة غير ذلك، كانت الأرضُ مهدًا لنا، والنسائمُ تبعثُ إلينا أريجًا، حتى اللون الرماديُّ الذي لا أحبه، كان بهيَّا لتنطق الصورةُ بنا، وكأن ما في الكونِ مُسخّرًا لنا. وأهدتنا السماء ندًا جميلاً، فأزهر الحلمُ كزهرةٍ واستنشقنا عبيرها سويًا.
بالحلم، وددتُ أنك غصنٌ، وأني زهرةٌ أحنو عليه، وانقضى الحلم سريعًا ككلِ الأشياء الجميلة.
غسلتُ الملاءة بماء الحبِّ وبعثت الحلم إليك كهديّة، رصعتها بالنجوم التي تُقدِّسُ حكايتنا جيدًا، لتحفظ النجومُ الحلمَ، وتذهبُ به إليكَ مُضيئةً في غسق الدُجى،
لحين حلمٍ جديدٍ يبعثه وجودك الكائن بقلبي،
فأبعثه إليك.

قد يعجبك ايضا
تعليقات