القاهرية
العالم بين يديك

وصيتي

140

بقلم/ سالي جابر

أوصيكم بتقوى الله -عز وجل- وألا تبكون علىَّ، تذكروا محاسني، ولا وتتحدثوا بعيوبي؛ فقد حاولت مرارًا وتكرارًا إصلاحها، كان قلبي يقف عند كل ليلة يحادثني بما فعلت، يحاسبني على ما قلت، فلا أنصرف عني إلا وباتت عيني دامعة تخاطب وسادتي، فاسألوها عني تجيبكم بما قد كان، وما أسلفه بيَّ الزمان، قد خُضت معارك كثيرة بين قلبي وعقلي؛ فما كان يشتهيه قلبي بات يرفضه عقلي، وتنشب بينهما حرب لا ينهيها إلا قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم- “حُفت الجنة بالمكاره، وحُفت النار بالشهوات” فأُغمض عيني أرى صورتها التي تقتلني «النار» – سلمنا الله من شرورها- ينقطع فؤادي، وتنهار دموعي على كلمات تفوه بها فاهي قامت بإيذاء أحدهم، أو فعل ما أدركت مرارته أحمق قمت بفعله، الدنيا لا تساوي جناح بعوضة؛ فلمَا نأذي غيرنا « سامحوني» إن أخطأت أو أسأت، ترقبوا خطواتي، سيروا خلفي وادعوا لي، لا أريد كِسرة خبز فوق قبري، لا أريد قول كانت جميلة…، بل أريد ألا تذهبوا وتتركوني لظلمة القبر وحيدة، أجلسوا حولي، ادعوا لي كثيرًا، وتذكروا أن ليس لي اليوم سوى التراب يحويني، ولباس أبيض يواريني، وحياة الظلام أسأل الله ألا تواخيني…
اليوم تفتقدوني؛ منكم من يبكي، وبينكم من يصرخ، ووسطكم من لا يهتم، وجوده بينكم لا للحب ولا للكره؛ بينما حتى لا تلومه لائمة، وتتصيده أخطاء الواجب.
أسرعوا بمحاذاتي للتراب، واقرأوا لي” سأل سائلّ بعذابٍ واقع …” فقد كنت أحبها كثيرًا، واتلوا “تبارك الذي بيده الملك…” فما تركت ليلة وأنا على وسادتي إلا وتلوتها، علَّها تشهد على حبي لها، ورددوا “ياسين والقرآن الحكيم” فأنا اليوم احتاجها، وقولوا لي” ألف لام ميم ذلك الكتاب لا ريب فيه” فأنا عن ظهر قلب حفظتها.
لا تتركوني وحيدة، افرحوا بمماتي، واقرأوا لي القرآن يوم ولادتي لأحتفي به في قبري عند مماتي.
لا تتركوني وحيدة، وتنصرفوا لحياتكم، اعطوني دقائق من أوقاتكم فأنا اليوم أحتاج إلى حبكم.
أنادي أناجي يا خالقي قصرت في عبادتي، أذنبتُ، أخطأت في محبتي إليك؛ لكنك أعلم مني بذاتي، وتقصيري وخوفي ومناجاتي، فإنك قريب مجيب الدعاء، أُناجيك ربي فتجيبني، وأشكو إليك تقصيري وتسمعني، كن معي يا إلهي حين يحملوني على الأعناق، ويتركوني بين أياد رحمتك.
فإن نسوني فبرحمتك أحيا حياتي الأخرى، وإن تذكروني فيكون هذا من محبتك.
أوصيكم بتقوى الله «ألا تتركوني وحيدة».جج

قد يعجبك ايضا
تعليقات