القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

سمر فاروق تكتب فرحة فائزة

117

 

كلما شُغل تفكيري بأحداثٍ مضت، وألهمني ربي أنها كانت رحمة منه لعلمه بحال قلبي، كلما زادت نبضات فؤادي بحبه، ولا زلت أتشبث بحبل النجاة فيرشدني إليه.
ذات يومٍ علمت أن صديقتي تدخر مصروفها لكي تقوم بالذهاب لأداء عمره، فأخذني الشوق للقاء مكة؛ ولكني لا أملك حتى وإن ادخرت وكلما رأت عيني ورقة إعلان عن عمرة ذرفت عيني دموع الشوق، فأنى لي أن أذهب، فيتملكني الحزن وقلبي يفيض ألمًا وشوقًا، فرجوت خالقي بالدعاء وكلي يقين بأنه يومًا سيكتب علىَّ ويناديني، فألبي النداء ويذهب عني ألم العناء، وأشعر بالاصطفاء من بين جموع الأحياء.
دخلت مسجدًا بالقرب من مدرستي، وأحسست براحة وحياة داخلها حياة أخرى لم أعرفها ولا أعيها، شعرت بسكينة تعمقت داخل روحي، وسرت في شراييني فأصبحت أحث خطواتي وأناجي ربي في صحوي وفي منامي، وفي خطوات أقدامي وأناجيه.
وبعد نزول عباراتي تصفو روحي وأنسى ما قلت، حديثًا كان يشدوا بالحب لله منمقًا، وكلما هممت بكتابته نسيت لعله حديثًا بيني وبين خالقي ولا دخل لأحدٍ آخر، وذات يوم كان جميلًا في مطلعه، أحسست فيه برجفة داخلي، وحلمًا يراودني بأن سيكون لي نصيبًا في بلوغ فرحةٍ لم أذق مثلها يومًا، وكنت على موعد إفطار جماعي، وكانت معي نقود قليلة جدًا فشاركت وكلي يقين أن ربي سيطعمني، ومضى اليوم كله في ارتجاف.
حقيقة ما أصف؛ ولو أحدًا صافحني لوجد برودة جسدي وسمع نبضات قلبي، وإذا بنا بعد الفطور ذهبنا لنصلي المغرب ثم العشاء، وإذا بشيخ المسجد ينادي ويُعلن عن الفائزين بالمسابقة.
إنها ستتم بعد الاستراحة من صلاة التراويح؛ زاد النبض والدقات.
أحدث أنفاسي؛ أحقًا سأفوز؟!
ثم أطرد الحلم، وفي سجودي أدعو ربي أن يبلغني من غير حول مني ولا قوة.
تقاربت الدقائق والثواني ومعها تزيد دقات قلبي، مبتسمة وكأن اليقين جنة زرع في قلبي فأستنشق منه رياحين الجنان وبساتينها، وحان النداء بأسماء الفائزين والفائزات بجائزه العمرة.
فنادى الفائزة الأولى، ولم أكن، ثم الفائزة الثانية ولم أكن أيضا وفي لحظة كانت المفاجأة بوجود فائزة ثالثة، وإذا بي أسمع اسمي فأسجد باكية، يرتجف جسدي كله وأبكي حتى من حولي أشفق على نفسي من هذه الفرحة؛ فتهلل المسجد بالفرحة وكأني الوحيدة من فزت، احتضنني الجميع والدموع تنسكب من عيونهم وعيوني،
فما أجمل أن تَصّدُق خالقك فيجيب لك السؤال!
وما أجمل هذه الفرحة!
فما الصدق إلا منجاة.

ولا أقصد أنها نجاة بخروجك من مأزق ما، وطاعة لله فحسب؛ ولكنها حياة تحيا بها نفسك وتسلم من أمراض القلوب، فإن في البدن مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله.

قد يعجبك ايضا
تعليقات