القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

مستبدة و لكن !

244

بقلم :إيمان الدمرانى

 

بينما كنت أمارس رياضة المشي شعرت بالتعب و جلست علي مقعد في إحدى الحدائق لأستريح قليلا و أخرجت من حقيبتي كتاب لأقرأه في فترة الراحة و بينما كنت مستغرقة في القراءة ، سمعت صوتا خافتا ضعيفا منكسرا ، غاضبا , ينادى و يقول :كفاكى ظلما أيتها المستبدة . أيتها القاسية …. أنت لا تحكمين بالحق دوما … لا سامحك الله !!

 

أرتجفت من هول الأتهام ، إنها المرة الأولى ان ينعتنى أحدهم بذلك ، ألتفت الى مصدر الصوت ، وجدت وجها شاحبا ، ضعيفا ، و جسدا هزيلا .. قلت له ماذا دهاك يا أنت ؟! قال : أنك ظالمتى ، بل وصل بك الحال لقهرى و دحرى و إخراس صوتى و كلما أختلفت و كانت لى خصومة مع أحدهم دوما تنحازين ضدى و لا تنصفيني ، تقفين في صف ذلك الجبار ، العنيد ، المتكبر، الواثق الخطى و لصالحه تنصرين ! و لجأت اليك تحتكمين بينى وبينه . دوما تحكمين لصالحه سواء كان ظالم أو مظلوم ، سواء كان محق او مخطأ ..دوما أنت فى ضدى بلا رحمه أو شفقه ..و لا تناقشين بواطن الأمور

 أليس لى عليك حق أن لي تنصتين؟! ، او لست على مسافة واحدة بيننا ؟!! قلت له : لأنك أحمق وهو رزين .. أنت مندفع وهو حكيم ، انت لا ترى الا فى حدود رؤيتك و أنما هو ينظر دوما للأمام نظرة ثاقبه .. أنت أعمى و هو من المبصرين أين أنت منه ؟! أن ناصرتك ربما أجد نفسى فى مشاكل أنا فى غنى عنها .. لكنه دوما هو منقذى فى أشد و أحلك المواقف أجده يقدم لى العون بكل ثبات و يقين !!

 قلت له :أغرب عن وجهى يا هذا و لا تخاطبنى مرة أخرى ،فلن أسمعك قال : سأختصمك دوما لما أهدرته من حقوقى و ما زلت تهدرين ..تستمرين و له تؤيدين .. و عنى دوما تعرضين…أختصمك أمام الله يوم الدين !!

 

و اذا بالطرف الاخر يسمع الحوار و أتى بصوت جهورى و قال : يا هذا كيف تجرؤ على ما تقول من اتهام .. سأحدد أقامتك و ليس مسموح لك ان تنطق سوى الشهادة حين تلفظ أنفاسك الأخيرة و عدا ذلك أخرس و لا أسمع لك صوتا. و لكن هذه المرة ، أشفقت على الشاكى من نظرة الإنكسار التى كانت تملؤه و شعرت أننى حقا ظالمة و مستبده ، و شعرت للمرة الأولى أننى قهرته و لم أعطيه فرصته و لو مرة واحدة فى أن يكون له كيان و وجود .. و رغم ذلك الاحساس الذى كان يملؤنى وجدتنى أقول له : أغرب عن وجهى يا هذا و ليس لك أن تتحدث أو تناقش و مكانك فقط مع المستضعفين ، أذهب ناصر و أيد المساكين و أرفق بالفقراء و أعتنى بهم و أسمع شكواهم و احنو عليهم و أعطنى عنهم دوما تقارير و هذا دورك فقط و لا أسمح لك بأدوار أخرى !!

و وجدت الطرف الآخر ينظر بنشوه الانتصار كالعادة و أن مظلمة خصمه لم تجدى أيضا كالعادة و وقف ليعلن أنه سيد الموقف و لا منازع !! و أنتهى الحوار بصورة مؤقته بين قلبى وعقلى و ما زالت الخصومة قائمة بينهما الى أن أن يتوقفا عن العمل و ننتهى نحن الثلاثة من الوجود !

قد يعجبك ايضا
تعليقات