القاهرية
العالم بين يديك

حينما أكبر

124

بقلم-مودَّة ناصر

حينما أكبر، -رغم أنهم يخبرونني أني كبيرة-، وحينما أملك قدرة نسج الحكاية، -ويخبرونني أيضًا أنني أجيد الكتابة-، أفكر بشأن النهاية؛ أحيانًا أقرر أن أضعها سعيدة، أضعُ الرضا في قلب أحدهم، أطمئنه على شخصه المُفضل، أسقيه شربة الابتسامة مرّةً، وأنتصر لذاتي مرّةً بين كل الحكايات التي لم تعجبني نهايتها، التي أحزنتني، والتي لم تجلب الطمأنة في قلبي، أو حتى التي لم تكن واضحة وتماهت رمادية، وحينما كنت أعلن اعتراضي كنت أسمع جملة “هكذا أراد المؤلف”، ربما من هنا بدأ العند بأن تحلَّ إرادتي يومًا.. والعالم ليس ورديًا حقًا؟، أدركت هذا مؤخرًا، لكن أيضًا لماذا نكتب الأحزان على الأوراق والجدران؟ لماذا نمقت الحزن وننصره؟، نخلِّد ذكراه، فيحتلُنا بِنا.

الحكمة تقتضي أن النهايات السعيدة الحالمة عبثيّةٌ في عالمنا هذا، تدخل قلب المرء لكن لا تطيل سكناه، تمر على عقله ولا تؤثرُ فيه، أالحبكةُ الجيدة رفيقةُ التعقيد؟، أم أن الآلام مبهرةٌ ونحن أسرى الانبهار في زمن الركود؟.

أتخيلُ الحكاية أحيانًا، والحقيقة أني أشعرها أنثى، لكن ما هيأتها يا ترى؟، امرأةٌ مسكينة تصنع من الحزن عكازًا تتوكأ عليه حتى تطوى الأيام في السجل للكتب؟، أم أنها صبيةٌ عفيةٌ تراود الأيام عن نفسها لتلوذ بالدنيا وزينتها؟، لعلها جدّةٌ عجوز ببراءة طفلٍ تطوي في عباءتها جعبة الحكايات كلها، لكن لا يسمعها أحد، يظن الجميع أن أصابها وابلٌ من الجنون وحقيقةً أن مسها نورٌ من البصيرة.

تلك الحكاية،.. أبيّة، ترفضُ أن ترتدي ثوب حزنٍ أو سعادة، لا تقبلُ الاحتمالات ولا تخضع للجلاء، تحلم بالخلود قبل الميلاد، مُحيّرةٌ دون طرح أسئلة، حاضرةٌ في الغيابِ ورغم الغياب حاضرة.
هذه الصغيرةُ والكبيرة،..
أحملها داخلي، أوئدها كل يومٍ، وأنتظرها حيةً لتأتِني..

قد يعجبك ايضا
تعليقات