القاهرية
العالم بين يديك

في منتصف الطريق

120

بقلم/ سالي جابر

لقد تمنيتك كثيرًا، دون أن أدري، رسمتك في قلبي وبنيت حولك أسلاكًا شائكة؛ كلما أقترب منك أحد بات يتألم، كما تألمت أنا من قبل، أصبحت أعترض على حياتي دونك، أراها خاوية، فارغة، أتوه في جنباتها مهما تعددت المهام، ووسعت بيَّ الحياة في دروبها، أراها تضيق حد الاختناق، لا يمكنني الهبوط من طائرة حبك، أراني أصارع السحاب، أضرب الأمواج، لأصل إليك؛ لكنك دائمًا بعيد…
وأدركت أن من الخطأ أن أترك نفسي هكذا؛ أتزاحم مع أنفاسي، وأركض في سباق الحب… وبينما أنا هكذا رأيت مشاكلي تافهة، لا يشغلني إن لم أجد لها حلولًا كما عاهدت نفسي في السابق، كنت أبكي، أعتزل العالم لأبني لنفسي عالمًا من الأوراق والأقلام أخطط وأضع حلولًا كثيرة لأنتهي من تلك المشكلات؛ بينما اليوم أنا هنا أضع أحلامي بين راحتيك، وحياتي وعقلي وقلبي جميعهم في كفة ميزان، كفته الأخرى حبك، تميل الثانية على الأولى وتزداد حياتي حياة، فأنا بذلك أخرق قوانين طبيعتي، أغير عاداتي، أخطط لحياة جديدة لا يعلمها أحد إلا قلب أدرك أن الحياة دون حب رائعة لإنها تخلو من آلام نصنعها نحن بأيدينا؛ لكنها بالحب تشفي عليل عقولنا التي لا تجد لذتها إلا به.
أدرك كل من حولي تغيري، هل لاحظتم عيون زائغة، تائهة تترامى بين أحضان العذاب تتلقفه بحبٍ كما تتلقف الأم جنينها بين صراخ ألم وسعادة، بقلبٍ ساجد شاكر كمن وجد ضالته في صحراء جرادء لا زرع بها ولا ماء؟!
أنا أنين القلوب في حضرته، وعذابها في غيابه، أنا أمواج متلاطمة تتصارع لتكوين زبد الذكريات التي لا تخلو من أملٍ وألم وجمال، يزداد بهاؤها كنزول المطر في وسط السماء في عز الظهيرة لتصنع من الأمل سبعة ألوان فاتنة، لكل لون فيها معنى وجودي.
تجددت فيَّ الحياة، ودب فيها الروح من جديد، وبين عشية وضحاها يصير فيها دبيب الموت، ويتغمدني نصل الخوف وأراني أغيب عندما تغيب، فهذا حالي كما وصفه المتنبي حين قال:
فمن شاء فلينظر إلىَّ فمنظري
نذيرٌ إلى من ظن أن الهوى سهلُ.
الآن أنا في منتصف الطريق؛ لا يمكنني الرجوع عن حبك، ولا الاقتراب منك، بينما هي الحياة تسير وتمضي أنا هنا أقف على عتبات قلبك أسألك الدخول.

قد يعجبك ايضا
تعليقات