بقلم/ دكتورة سلوى سليمان
يفتقد الكثير منا إتقان مهارة من أهم مهارات التواصل مع الآخرين إنها الإنصات بشغف واهتمام، ويفضلون الكلام للتعبير عما يجول في خاطرهم من أفكار أو الفضفضة بما يعانون به من مشاكل باحثين عن من يفهمهم، و ينسون أن الكثيرين لا ينصتون لهم أيضا لأنها ثقافة أصبحت دارجة ومنتشرة إلى حد كبير في المجتمع على كافة الأصعدة.
فقد تكون متحدثا جيدا لكن في الوقت ذاته أنت لا تستطيع الإنصات ، ولا تعرف الطرق التي يتم اتباعها لفك شفرة لغة الشفاه، وتفسير تعبيرات الوجه فضلا عن حل ألغاز الصوت ونبرات من يتحدث أمامك.
فمما لاشك فيه أنها تعد أحد القيم الحميدة التي يجب أن نتحلى بها جميعا لأهميتها العظيمة على الصعيدين الشخصي والمهني والتي يعود اتقانها بالكثير من الفوائد في الحاضر والمستقبل.
وتعتبر مهارة الإنصات سلاحا ذو حدين، حيث أنها تجعلك تتفهم من يتحدث أمامك بطريقة واضحة وعلى الجانب الآخر فإنها تُزحم عقلك بالكثير من الأفكار
، ويعتبر الإنصات أحد أهم الطرق التي تُعلم المرء كيفية احترام الآخرين، وتعكس مدى اهتمامه لحديثهم وهذا ما يجعل منك شخص محترم في أعينهم.
وتحمل تلك المهارة توظيف صادق للغة الجسد والتي من الأفضل أن تتزامن مع القول ويؤكد ذلك “مالكوم إكس” قائلا :
إن الإستماع فن من الفنون، عندما يتكلم الرجل أنتبه إلى صوته لأعرف هل هو صادق فيما يقول.
ويوفر الإنصات الكثير من الوقت، علمًا بأن الفترة الزمنية التي يحتاجها الفرد لتلقي المعلومات أقل من التي يتحدث فيها.
ويمكنك تلقي الكثير من المعلومات خلال فترة زمنية قياسية وبسرعة كبيرة؛ نتيجة التركيز الفعلي عليها، الأمر الذي يعود بالنفع عليك من حيث تنظيمك لوقتك، والحد من إهدار طاقتك التي يمكن أن تستفيد منها في أداء بعض الأعمال المهمة الأخرى هذا ما أشار إليه “روبرت فروست” بأن التعليم هو القدرة على الاستماع لأي شئ دون أن تنفلت أعصابك أو تفقد ثقتك بنفسك.
ومن هنا يمنعك الانصات الجيد لمن يتحدث أمامك، من التسرع والانفعال وبالتالي ستكون متفهمًا لما يقال بدرجة كبيرة، كما يسمح لك بوضع مساحة كافية للتفكير فيما يقال، وفهمه جيدًا، قبل أن تختار الرد المناسب.
ويمنحك أيضا بعض الوقت؛ من أجل تحليل الأمور من الجوانب المختلفة، وبالتالي، تصبح في حالة عقلية واعية تساعدك في اتخاذ القرارات السديدة، والتي تعود بالنفع عليك سواء في حياتك الشخصية، أو العملية؛ فأنت الآن تمتلك معرفة كبيرة ناتجة من آراء الآخرين، وطرق تفكيرهم؛ مما يعزز من قوة إدراكك.
أخير ا… احرص على الإنصات لانه سلوكا حضاريا، إذ يعد أحد عوامل الاتصال الصحيح مع من حولك وهو الوسيلة الأصدق للتعبير عن الاهتمام والتقدير لأفكار الآخرين مع تسخير كل الجوارح من أجل الاستماع للتفاصيل بتوافق تام مع لغة الجسد لمزيد من المصداقية والشفافية ويعد رسالة مؤكدة لاحترام الآخر، والتعبير عن مدى تقديرك لنفسك، وللآخرين على حد سواء… .