القاهرية
العالم بين يديك
Index Banner – 300×600

أرطبون العرب وداهيته ( الحلقة التاسعة عشر) صفاته الخَلقية

95

د / زمزم حسن

كان عمرو أدْعَج أبْلج قصير القامة، عظيم الهيئة، ناتئ الجبهة، واسع الفم، عظيم اللحية، عريض ما بين المنكبين، عظيم الكفين والقدمين. وكان يخضِبُ بالسواد. قال بَحِير بن ذَاخِر المَعَافِريّ: «قام عمرو بن العاص على المنبر فرأيت رجلا ربعة، قصد القامة وافر الهامة، أدعج أبلج، عليه ثياب موشية، كأن به العقيان، تأتلق عليه حلة وعمامة وجبة». قال شمس الدين الذهبي: “كان عمرو من أفراد الدهر، دهاءً، وجلادةً، وحزمًا، ورأيًا، وفصاحةً.”

عبادته :
كان عمرو بن العاص يُسرد الصوم، وقلما كان يُصيب من قيام الليل أول العشاء أكثر ما يصيب من السحر. وعن أبي قيس مولى عمرو قال: «سمعته يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ”.». وكان كثير النفقة والصدقة، قال عمرو بن دينار: وقع بين المغيرة بن شعبة وعمرو كلام، فسب المغيرة عمرو، فقال عمرو: أيسبني ابن شعبة! فقال له ابنه عبد الله: إنا لله، دعت بدعوى القبائل وقد نُهِى عنها، فأعتق عمرو ثلاثين رقبة كفارة لذلك. وعندما حضره الموت جمع حرسه وقال لهم: أي صاحب كنت لكم، قالوا: كنت لنا صاحب صدق تكرمنا وتعطينا وتفعل وتفعل.

وكان عمرو يرى أن أخاه هشام والعديد من الصحابة أفضل منه، فعن الْحَسَنَ قَالَ: “قَالَ رَجُلٌ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ يُحِبُّهُ، أَلَيْسَ رَجُلًا صَالِحًا؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ : قَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ يُحِبُّكَ، وَقَدِ اسْتَعْمَلَكَ. فَقَالَ: قَدْ اسْتَعْمَلَنِي فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَحُبًّا كَانَ لِي مِنْهُ، أَوْ اسْتِعَانَةً بِي، وَلَكِنِّي سَأُحَدِّثُكَ بِرَجُلَيْنِ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ يُحِبُّهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ”. وحين سُئل عن أخيه هشام قال: “فهو خير مني”، وكررها ثلاثًا.

دهاؤه
عُرف عمرو بالدهاء والذكاء والفطنة قبل الإسلام وبعده، حتى وُصف بأدهى العرب أو “داهية العرب”. يقول شمس الدين الذهبي: «داهية قريش، ورجل العالم، ومن يُضرب به المثل في الفطنة، والدهاء، والحزم.» ولقبه عمر بن الخطاب في معركة أجنادين بأرطبون العرب، وقال: “لقد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب فانظروا عما تنفرج”، ويقصد بذلك أن كلا القائدين أدهى الرجال في قومه. وقال عامر الشعبي: “أدهى العرب أربعة: معاوية، وعمرو، والمغيرة ،وزياد. فأمّا معاوية فللأناة والحلم، وأما عمرو فللمعضلات، وأما المغيرة للمبادهة، وأما زياد فللصغير والكبير.”، وعن قبيصة بن جابر قال: “صحبت عمرو بن العاص فما رأيت رجلا أنصع طرفًا منه ولا أكرم جليسا ولا أشبه سريرة بعلانية منه”.

روايته للحديث :

لعمرو بن العاص أحاديث ليست كثيرة، تبلغ بالمكرر نحو الأربعين، اتفق البخاري ومسلم على ثلاثة أحاديث منها، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بحديثين. وروى عمرو عن النبي محمد، وعن عائشة، وعن أخيه هشام بن العاص، وأبي بكر الصديق، ومعاوية بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة. وحدَّث عنه ابنه عبد الله، ومولاه أبو قيس، وقبيصة بن ذؤيب، وأبو عثمان النهدي، وعلي بن رباح، وقيس بن أبي حازم، وعروة بن الزبير، وجعفر بن المطلب بن أبي وداعة، وعبد الله بن منين، والحسن البصري مرسلا، وعبد الرحمن بن شماسة المهري، وعمارة بن خزيمة بن ثابت، ومحمد بن كعب القرظي، وأبو مرة مولى عقيل، وأبو عبد الله الأشعري، وأبو الغادية اليمامي، وأبو بكر بن عمرو الأنصاري، وأبو ظبية الكلاعي، وأبو كبشة السلولي، وأبو هاشم بن عتبة، وأخضر بن خوط الحبراني، وأسعد بن سهل الأنصاري، وإسماعيل بن أبي خالد، ومحمد بن عمر بن أبي سلمة، وتميم بن سلمة الخزاعي، وجعفر بن عبد الله الأنصاري، وحبيب بن أوس الثقفي، وأبو صالح السمان، وراشد بن سعد المقرائي، وزيد بن أسلم، وزيد بن وهب، وسعيد بن المسيب، وشرحبيل بن شفعة، وشعيب بن محمد السهمي، وعامر الشعبي، وعامر الأحول، وعبد الرحمن بن ثابت، وعبد الرحمن بن جبير، وعبد الله بن أبي الهذيل، وعبد الله بن الحارث الهاشمي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعلقمة بن وقاص، وعمرو بن ميمون، ولاحق بن حميد، ومحمد بن المنكدر، ومرثد بن عبد الله اليزني، وعمرو بن مسلم بن أبي عقرب، وحيان بن أبي جبلة، وميزان البصري، وهني العدوى.

قد يعجبك ايضا
تعليقات