سهام سمير
من منا لا ينشد الجمال!
كم مرة اكتشفت في القبح جمالا من نوع خاص؟
في الثقافة اليابانية وعلى حسب قول صديقتي، التي تعشق تلك الفلسفة، للقبح وجه جمال يبصره قليلون.
في ثلاثيته ويحمل الجزء الأول منه عنوان: القبحاء
يأخذنا سكوت في رحلة عبر السطور، الجاذبة الشيقة، لنتعرف على ثنائية الجمال والقبح.
في عصر ما حديث إلى حد كبير، يعتمد التكنولوجيا، في كل شاردة وواردة، ما أن يبلغ المراهق عامه السادس عشر بحسب القانون يجرى عملية تجميل يتحول بعدها من القبح للحسن.
تتوق #تالي لاجراء العملية عل عكس صديقتها #شاي التي تود أن تبقى على حالها تمارس كل الشقاوة وتعيش في المدينة أو البرية دون قيود.
تهرب شاي وتترك خريطة ملغزة ل تالي تضح فيها المكان الذي تتواجد فيه، غير أن تالي أرادت العملية ورفضت أن تتبع شاي، تبعتها فقط حين طالبتها السلطات الخاصة بالمدينة ان تذهب لتحضر صديقتها ومن قد يكون معها للعودة،تغير تالي رأيها فيما بعد حين تكتشف جمال الطبيعة وحياة البرية التي يحيا فيها الضبابيين، إلا ان السلطات تعرف مكانهم وتقبض عليهم وتتوالى الأحداث.
ما يدهش في الفلسفة أن المعايير ليست موحدة فما نعده جمالا قد يكون القبح عينه والعكس صحيح.
هذا ما تكشف عنه سطور الرواية الأخيرة حين نعرف تأثير إجراء هذه العمليات على الأشخاص حيث أنه ليس الشكل والبينة فقط ما تتغيران لكن يحدث تلف ما في جزء من المخ.
الرواية تحوي إسقاطات عديدة عن العدالة والمساواة والفروق الطبقية بين المهن التي تعد مهنة مهمة أو حيوية كالذين ينتمون للقضاء أو الأطباء أو السلطات الخاصة في البلد، فهم مستثنون، ويعالجون فيما بعد من هذا التلف، أما بقية الشعب فعليه أن يتعايش به، وهو تلف لا يدركه الناس العادية، بل يبدو في معاناتهم في المشي أو التفكير أو المشاعر.
هذه الرواية موجهة للنشء وهذا ما يميزها، فالجيل الحالي يحتاج لمثل هذه الرؤية التي تصحح كثير من المفاهيم المغلوطة، لكن هذا لا يمنع أني استمتعت بها بشكل خاص، وغيرت مفهومي عن الجمال والقبح.
فأدركت أن معايير الجمال التي نعدها نسبية، قد تتغير من شخص لأخر ومن بلد لأخر، إلا أن بعض الملامح الجميلة قد تبدو قاسية، حين تخلو الروح من الجمال. وهذا ما ينطبق على ملامح القبح، والتي قد تسم البعض لكن جمال روحهم يطغى على ملامحهم الخارجية ويبدون مريحين لنا ونحبهم.
بعض الاقتباسات تأتي لتخدم محور الرواية وتلمس روحنا بشكل متفرد.
“البشرة ذات العيوب هي أمارة على ضعف الجهاز المناعي”
“إنها أمارة على أنكِ قد خضتِ مغامرة وشققتِ طريقك عبر البرية كي تصلي إلى هنا، ومن وجهة نظري هي علامة على أنه كان لديكِ قصة جيدة لترويها”
“التحول إلى الحسن لا يغير فقط من مظهر المرء.إنه يغير الطريقة التي يفكر بها”
“ومع إشراق شمس كل يوم جديد، كان ثمة تغيير يطرأ على الجبل والسماء والأودية المحيطة لتظهر بشكل خلاب من جديد. فالطبيعة على الأقل لم تكن “بحاجة إلى عملية جراحية كي تصبح جميلة ، لقد كانت جميلة بالفعل”
رواية القبحاء تفعل بالذهن ما تفعله الفلسفة وتعصف بالذهن، وتساعدك على ترتيب أولويات قيمك في الحياة، كما أنها تختبر هذه القيم.
مراجعة لرواية القبحاء
سكوت ويستر فيلد
رئيس مجلس إدارة جريدة القاهرية